بقلم : أسامة الرنتيسي
تبتعد عن الصواب؛ الأصوات كلها (برغم حسن نواياها) التي تنادي بعدم إضاءة شجرة الميلاد في الأردن وفلسطين، نوعا من الاحتجاج على قرار الرئيس الأميركي ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني، ونقل السفارة الأميركية إليها.
بالنور والضوء نواجه تجار العتمة والخراب، ولا نزيد العتمة في بلادنا، هكذا هم يريدون، وعلينا ألا نساعدهم على ذلك.
في معظم الهجمات العدوانية التي كانت تشنها الطائرات الإسرائيلية على لبنان لنتذكر جيدا أن اهدافها كانت تتركز على محطات الكهرباء والجسور، فإسرائيل صانعة العتمة والخراب، ولا تريد لنا أن نعيش في الضوء، ونصنع الفرح حتى في لحظات الشدة.
مواجهة رعونة وظلامية ترمب، وتطرف وخراب نتنياهو لا تكون إلا بزيادة حلقات الفرح والإيمان بعدالة القضية، وأن هذه بلادنا، والقدس لنا، عربية إنسانية، محور الكون، وملتقى حضارات العالم.
لن ينزعج كثيرا ترمب وحليفه نتنياهو، عندما يشاهدان شجرة عيد ميلاد السيد المسيح غير مضاءة، ومعتمة، في ساحات كنيسة القيامة في بيت لحم، أو أشجار عيد الميلاد في الفحيص والسماكية ومادبا ومدن وقرى الأردن، بل يتأكدون أنهم نشروا العتمة والخراب في أرواحنا، وأدخلونا في حالة من الإحباط واليأس التي يكيدون لنا.
في مواقف وأزمات كثيرة ترتفع الأصوات ذاتها لإلغاء مهرجانات الفن والثقافة احتراما للدم الذي يراق في عواصم ومدن عربية منذ سنوات، هذه الأصوات (وهي حريصة.. لا أشكك في نواياها) لا تعرف أن الثقافة والفن جزء من معركة المقاومة وإدامة الحياة.
في معركة القدس، ولأنها القدس، وهي معركة طويلة ومستمرة، نحتاج الى كل مواسم الفرح والأعياد لنؤكد أننا صناع الفرح والحياة، ولسنا من جماعات الخراب، بل نواجه الخراب بالإصرار على إدامة الحياة وحمايتها.
من أجل القدس وتأريخها ومقدساتها لنضاعف الإضاءة والنور والزينة على أشجار عيد الميلاد، ولنفرح بميلاد السيد المسيح، لعل في هذا الميلاد، يولد الأمل بالتغيير المأمول في نبض الشارع العربي والإسلامي والإنساني، ولعل في خطوة ترمب الهوجاء الجاهلة، رب ضارة نافعة، تعود علينا وعلى صناع الفرح والحياة والنور كلهم بمحاصرة أكثر للجهلاء والمخربين وعشاق العتمة.