ساق الله أيام الزمن الجميل

ساق الله أيام الزمن الجميل

ساق الله أيام الزمن الجميل

 تونس اليوم -

ساق الله أيام الزمن الجميل

العرب اليوم
بقلم : أسامة الرنتيسي

(إهداء الى الاصدقاء عيال توفيق جريس الداوود…يقول أبو حامد الغزالي: من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج ليس له علاج)

تدفعك الاجواء العامة، ومشاهدة الاردنيين الذين تضييق صدورهم، وعلامات الغضب على وجوه الاصدقاء الى الهروب الى اقبية السؤال، وماذا بعد؟

تهرب الى وادي شعيب حيث سحر الجمال وهدوء الليل في مزرعة الدكتور الصديق  جريس الداوود ونغمات اوتار عود ابو علي وحضور رفاق العمر والاحلام لتخفف الضغط على اعصابك بالتعلل بالقول “ساق الله أيام الزمن الجميل”.

المحبَطون، وهم كثيرون، يرددون ‘الأردن قبل 30 عاما كان أجمل، والمجتمع آمن وأكثر رخاء، وحياة الناس كانت أكثر دفئا وحميمية، والبلاد في حالة تطور، والناس يحبون بعضهم بعضا..’. ولكن.. هل المشكلة في ‘الزمن الجميل’ الذي ولّى بغير رجعة، أم فينا نحن؟ من الذي يريد أن يمسك قرن الزمن ليعيده إلى الخلف وصولًا إلى الفردوس المفقود؟ حين تتردد في أيامنا عبارة الزمن الجميل، فإن المقصود بها هو الماضي الذي تسرّب منّا، ولم يعد منه سوى الذكريات والأطلال، فهل كان الماضي بالفعل جميلًا، ولم يكن فيه كل هذا الشقاء، وخاليًا من الفقر والمرض والجهل؟ أم أنه امتاز بهذه القيمة لأنه مضى ولن يعود؟ الماضي مهما كان جميلًا فقد كان أشدّ قسوة على الإنسان من الحاضر، ومتوسط أعمار البشر بلغ ثلاثين عامًا فقط في بعض الأزمنة، إذ كان بمقدور فأر مريض أن يتسبب في وباء يدمر حضارة. لاحظوا كيف يواجه العالم اليوم الأوبئة.

ففيروس إنفلونزا الخنازير، على سبيل المثال، لو جاء في زمن آخر غير زماننا لفتك بشعوب الأرض مثلما كان يفعل الطاعون، لكن التقدم العلمي والإنساني هذه الأيام قادر على محاصرة كل الأوبئة، ويقود المجتمعات إلى التقدم والرقي.

حتى ذائقتنا الفنية اختلفت. صحيح أن بعضنا يحن إلى الماضي لتجديد شبابه، فيهرب إلى أمسيات غنائية كانت تبدعها سيدة الغناء العربي أم كلثوم، لكنه هروب إلى المجال الزمني الذي تبددت فيه أيامنا وأعمارنا، ذلك الذي أخذ معه آلامنا وكل ما ناءت به أرواحنا وأكتافنا، ولم يبق منه غير أرواح أصابها الجفاف.

في الزمن الماضي، كانت أم كلثوم تغني لنخبة وعلية القوم، بحضور مشترك للزوج وزوجته، للحبيب وعشيقته، لم تكن قضية ‘التعليم المشترك’ أو ‘الاختلاط’ أولوية تعليمنا، ولم تكن قضية ارتداء الحجاب والنقاب ساحة صراع مشايخنا، كان الحضور النسائي كله بلا حجاب، فهل كانوا غير مسلمين؟ أم أن الزمن أوجد فينا من يريد أن يجرنا إلى جنّته بالسلاسل، مدعيا أنها بلا موسيقى؟

إن الجميل ليس الزمن الذي مضى ولن يعود، بل أوهام ذاك الزمن التي يغذّيها راهن بالغ القسوة والقيد، وعقليات تريد أن نعيش اليوم بأجندة عمرها تجاوز ألف عام.

دعونا لا نظلم الحاضر، ولنحاسبه بقدر ما نقدّم له، لا ما نجلده به يوميا، ففي الماضي كان هناك فقر وجوع وظلم ومرض، والآن هناك جهاز صغير ‘لابتوب’ يحضر إليك العالم بين يديك.. فأيهما أجمل إذا؟.

المشكلة فينا، وفي منظومة الاخلاق التي اصابها العطب، حتى وصل الخراب الى معظم ما كان يستند اليه الانسان، ليجد فيه الحماية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ساق الله أيام الزمن الجميل ساق الله أيام الزمن الجميل



GMT 10:30 2021 السبت ,04 كانون الأول / ديسمبر

دمرنا النت والحاج جوجل!

GMT 12:19 2021 الخميس ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زيادة جُرعة خيبات الأمل!

GMT 18:15 2021 الإثنين ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

تجييش مجاني…”شكلها مستعجلة على الكونفدرالية…”!

GMT 13:18 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

مسلسل المشروعات الوهمية لن يتوقف!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia