بقلم : أسامة الرنتيسي
للرياضة عشاق تصل الحالة لدى بعضهم مرحلة الادمان، وعشاق الرياضة في العالم الآن ينقسمون الى فريقين، برشلونة وريال مدريد. وكل ما بينهما من اندية اخرى تذهب “فرق حساب” بين الجماهير.
ولان الرياضة في عمقها الجذري لدى شخص تقليدي مثلي ترتبط بالسياسة، فإن اكثر ما يثيرني في فريقي العالم برشلونة وريال مدريد ليس النتائج التي يحصلونها، بل ما يربط بينهما وبين المواقف السياسية، واعترف قبل ما ابدأ بالتفصيل انني على خطأ.
قبل يومين نقل موقع إلكتروني رسمي تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أن نجم نادي برشلونة الإسباني، الأرجنتيني ليونيل ميسي، اتفق مع شركة أمنية إسرائيلية لتأمين حفل زفافه، المقرر 30 يونيو (حزيران) الحالي في مدينة روساريو مسقط رأسه.
وأضاف الموقع: “عائلة ميسي استأجرت شركة إسرائيلية لتأمين الحفل.. إذ يولي ميسي أهمية بالغة لموضوع تأمين سلامة الحضور، لا سيما أن مدينة روساريو أصبحت في الفترة الأخيرة ساحة لمواجهات عصابات المخدرات”.
هذا الخبر إن كان دقيقا زاد حقدي على نادي برشلونة ونجمه ميسي، ودعوت في العشر الاواخر ان لا يوفق برشلونة في نتائجه المقبلة، ولا يحرز ميسي اهدافا صائبة في ليلة عرسه.
قبل ست سنوات وقعت في حوار صادم بين الاجيال عندما كان ولدي ابن الـ10 سنوات وقتها، ندلّعه عبود، لكنه يرفض ويصر على أن اسمه عبدالهادي. لم افلح في تبديل انحيازه لنادي ريال مدريد الإسباني، بعدما زاره الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز، لكني فشلت في ذلك.
شاهدت معه بيريز خلال زيارته التي قام بها لمركز التدريب التابع لنادي ريال مدريد، وكيف امتدحه ووصفه بأنه يمثل “رمز السلام”، وقال للاعبي النادي: “أريد أن تعرفوا إلى أي مدى يحب صبياننا وبناتنا ريال مدريد. أنتم قدوتهم، وهم يريدون أن يصبحوا مثلكم. لم يعرفوا السلام كاملاً، وبالنسبة لهم النادي الملكي هو رمز السلام”.
الرئيس الإسرائيلي التقى يومها كريستيانو رونالدو وباقي أعضاء الفريق، ثم قدم له حارس مرمى الفريق إيكر كاسيلاس لباساً رياضياً عليه اسمه (اسم الرئيس الإسرائيلي طبعاً).
الدهشة أصابت عبود من طريقة محاورتي له، وطلبي منه أن ينحاز لشعبه الذي يُقتل بجرائم العدو الصهيوني المستمرة، والذي يتزعمه بيريز. فقال لي: ما دخل الرياضة بالسياسة، ولم التفكير بهذه الطريقة؟
طريقة تفكير الجيل الجديد مختلفة تماماً عن طريقة تفكير الأجيال السابقة، لهم ثقافتهم وأسلوبهم في الحوار، وحتى طريقة تعاملهم مع التكنولوجيا الحديثة متميزة ومثمرة، حيث طوعوها لخدمة أفكار التغيير الذي نشهد تجلياته في أيامنا (أيامهم) الزاهية الآن.
الجيل الجديد يحدد خياراته بالطريقة التي يقتنع بها، والغالب أننا لا نقتنع بها نحن، ولا أكشف سراً إن اعترفت بأن عبّود هو الذي عرفني على عالم “الفيسبوك”، بعد أن اكتشفت قبل نحو عام أن له صفحة عليه، ويتواصل بها مع أقرانه.
التغيير قادم، رضي من رضي، وأبى من أبى، ولن يمنع تكلس عقول بعضنا من ولوج العالم الجديد؛ عالم الحرية وفضاءات ميادين التحرير.