هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري

هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري؟

هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري؟

 تونس اليوم -

هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري

جمال خاشقجي

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من موسكو، مؤكداً أن «عسكريي إسرائيل وروسيا سينسقون تحركاتهم في ما يخص سورية». قبله صرح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بقول مشابه عن التنسيق بين عسكريي بلاده والروس، يعني ذلك قبولهما ضمناً دخول الروس الحرب في سورية، ولكن حيث إن طائراتهم ستقوم بعمليات ضد أهداف «إرهابية» وفق مصطلح النظام الذي يشمل كل الثوار وليس تنظيم «داعش» وحده، وفي الوقت نفسه تقوم الولايات المتحدة ودول أخرى باستهداف «داعش» في المساحة الجغرافية نفسها، كما أن إسرائيل تقوم بعمليات قصف تحددها وفق مزاجها ومعلوماتها الاستخباراتية، فباتت السماء السورية مزدحمة بالمقاتلات، وهو ما يعني ضرورة وجود «غرفة عمليات»؛ لتبادل المعلومات؛ لمنع حصول اشتباك بالخطأ يؤدي إلى سوء فهم بين دول تعيش كلها على الحافة.

إنها أخبار سيئة للسوريين، ودول المنطقة، إذ تعني إطالة أمد الحرب، ويفترض أنها كذلك للسيد دي ميستورا الذي لا يزال يحاول بناء «عملية سلام» تنهيها، ولكن التدخل الروسي سيمد في عمرها الافتراضي، ربما لسنوات أخرى.

ولكن في ما يخص السياسة، لا تغيير، لا يزال الأميركيون يتحدثون بضرورة رحيل بشار الأسد، من دون أن يفعلوا شيئاً، إنما زادوا طينة التردد بلة بعدما أضافوا جملة لا تعني شيئاً، هي القبول به خلال مرحلة انتقالية لم تبدأ بعدُ، بل لم يتفق عليها، ومن ثم لن يستخدموا القوة؛ لإنهاء النزاع، ودفع الأسد إلى مفاوضات مثلما فعل الرئيس الأسبق بل كلينتون، عندما حسم التردد الأوروبي في حرب البوسنة، فقصف الصرب حتى جنحوا للسلم، وذهبوا مع خصمهم البوسنوي إلى دايتون الأميركية ووقّعوا اتفاقاً أنهى الحرب. حل كلينتون كان سياسياً، ولكن بعد قوة لينت مواقف المتصارعين، وهو ما لا يجيده الرئيس باراك أوباما.

إيران طبعاً، موجودة دوماً في قلب خريطة القضية السورية، فيصرح نائب وزير خارجيتها عبداللهيان الثلثاء الماضي بأن ليس لبلاده مقاتلون في سورية (طبعاً لن يصدقه أحد) وأنه لا بد من دور للأسد لحل أزمتها.

الرياض موقفها لم يتغير ولا تزال تؤكد عبر وزير خارجيتها عادل الجبير أنه «لا مساومة على موقف المملكة من رحيل بشار الأسد، وأنه تحصيل حاصل كيف يرحل، سلماً أم بعد هزيمة عسكرية»، وقد أشار حتى الآن ثلاث مرات إلى إقصاء الرئيس السوري «عسكرياً»، وهو ما يكشف أنها لم تكن جملة عارضة عندما استخدمها قبل أسابيع بمؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الألماني إنما موقف سعودي ينم عن استعدادها للمضي بعيداً لتحقيقه.

ولكن السعودية لا تريد بالتأكيد مواجهة مع الروس في السماء السورية، حتى مع استمرار تبني الأتراك والقطريين الموقف نفسه، وقد ذكرتُ هؤلاء الثلاثة فقط؛ لأنهم الوحيدون تقريباً الذين لا يزالون يدعمون المعارضة السورية المسلحة.

إذاً، لا جديد، الدول المعنية بالصراع السوري متشبثة بمواقفها، وهو ما يعني أن الأزمة لن تنتهي هذا العام بعدما ساد تفاؤل أعقب انتصارات حققها الثوار في الشمال والجنوب توافقت مع عاصفة الحزم السعودية في اليمن، وبروز المملكة كمغير لقواعد اللعبة في المنطقة حتى بمعزل عن الولايات المتحدة وإن أيدتها في مبادرتها هذه، ونجاحها في تشكيل تحالف يناصرها في اليمن.

بالتأكيد يمكن القول إن الروس أيضاً غيَّروا قواعد اللعبة بنزولهم بـ22 طائرة وآلاف الجنود في الساحل السوري، وهو ما طمأن بشار أنه ليس براحل، على الأقل ليس من الساحل وسورية المفيدة، كما سماها في خطاب أخير، ويبدو أن الدور الروسي هو في مساعدته لرسم خريطتها حتى تصبح أمراً واقعاً.

هكذا مررنا على مواقف وأفعال وتصريحات عواصم ست تقرر مستقبل سورية، واشنطن، موسكو، الرياض، طهران، أنقرة والدوحة، ويمكن إضافة العواصم الأوروبية التي لا تزال في حالة صدمة استيعاب سيل المهاجرين المنهمر عليها والذي يبدو أن لا أمل في إيقافه طالما أن أزمات الشرق الأوسط مستمرة، وهو ما يعني ضرورة أن تنشط لوقف هذه الأزمات المتسببة في سيل المهاجرين، ولكن -كما قلت- لا تزال في حالة صدمة.

غير أننا لم نتحدث عن أصحاب القرار الحقيقيين، الثوار الذين يصنعون الحدث بدمائهم وإصرارهم على الحرية في الداخل السوري، لا أحد يسأل ما إذا كان أبو عبدالله زهران علوش زعيم «جيش الإسلام» الذي يطرق أبواب دمشق الآن، أو أبو يحيى الحموي أمير «أحرار الشام» الذي يسيطر على معظم الشمال ويواجه «داعش» والنظام معاً، مستعدين مع غيرهما من الفصائل، قبول صفقة ما يسترسل المحللون السياسيون في شرحها وتوضيبها بين كل تلك العواصم، لو قبل هؤلاء ببشار لانتهت الحرب، ولو رفضوا وأصروا على الحرية فالحرب مستمرة، على رغم كل اجتماعات كيري ولافروف، وجنيف 1 و2 و3.

أواخر تموز (يوليو) الماضي، قدمت السعودية للروس والعالم توصيفاً مختصراً للأزمة السورية عندما قالوا لعلي مملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري خلال لقاء سريع تم بوساطة روسية «نوقف دعمنا للمعارضة، في المقابل تُخرِجون حزب الله وإيران والميليشيات الشيعية المحسوبة عليها من سورية، وبذلك يكون الصراع سورياً/ سورياً، أو الحل سورياً/ سورياً، ونحن نبارك ما تتّفقون عليه». كما نقلت «الحياة» توصيف صحيح وبسيط للأزمة هناك، ولكن من الواضح أنه لم يعجب الروس، إذ يعلمون أنه يعني سقوط الأسد ونظامه عندما ينفرد بشعبه الثائر عليه.

السعودية تعلم أن السوريين يرفضون النظام، إنها لا تراه فقط على شاشات التلفزيون، ولا في مؤتمرات إسطنبول، إنها تراه وتسمعه في الداخل السوري، ولعل هذا هو سبب موقفها المتشدد، وحان الوقت لأن يعلم العالم أن السعودية لا تستطيع التخلي عن المعارضة لتذبح؛ لأن ذلك يعني قبولها بسورية إيرانية تمتد على كامل هلالها الخصيب ومثل ما رفضت إيران في اليمن سترفضها في سورية، نقطة على السطر.

استمعوا لأبي عبدالله، وأبي يحيى، وأبي مجاهد وكل أبوات الثورة السورية، فهم أصحاب الكلمة الفصل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري هلّا سألتم أبا يحيى في الشأن السوري



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 06:31 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

تنعم بأجواء ايجابية خلال الشهر

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 09:20 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

فوائد صحية وجمالية لعشبة النيم

GMT 18:17 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إنجي علي تؤكّد أن مصر تتميز بموقع فني عالمي رفيع

GMT 13:10 2013 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

الــ " IUCN"تدرج "الصلنج" على القائمة الحمراء

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia