طهران على خطى السوفيات

طهران على خطى السوفيات

طهران على خطى السوفيات

 تونس اليوم -

طهران على خطى السوفيات

مصطفى فحص

بينما كان زعماء الاتحاد السوفياتي يحتفلون في شهر مارس (آذار) سنة 1986 بإطلاق المحطة الفضائية «مير» في إطار المنافسة المحتدمة مع واشنطن، فيما عرف وقتها بحرب النجوم بين الكتلتين الشرقية والغربية، كانت أزمة سقوط أسعار البترول إلى ما دون 10 دولارات، التي بدأت مع نهاية عام 1985 واستمرت حتى منتصف 1986، تؤتي أكلها في الاقتصاد السوفياتي، الذي كان يرزح من جهة، تحت ضغوط الإنفاق الكبير للسوفيات في مجال سباق التسلح، إضافة إلى أعباء الحرب الأفغانية، ومن جهة أخرى تحت أزمة السيولة داخليا، والفشل في جدولة الديون الخارجية، والتعامل مع مطالب صندوق النقد الدولي ونادي باريس للدائنين.
في المقابل، ومنذ مطلع سنة 1988 وحتى 1990، بدأت أسواق الاتحاد السوفياتي تشكو من نفاد سلع غذائية كثيرة، خاصة البيض والسكر، وصلت إلى حد نفاد اللحم والزبذة والحليب من أسواق العاصمة موسكو، ثم جاءت نتائج حصاد محصول القمح مخيبة للآمال، حيث بلغت 190 مليون طن سنة 1990 بعدما كانت 230 مليونا في العام الذي سبقه، مما شكل تهديدا مباشرا للأمن الغذائي السوفياتي، دفع ميخائيل غورباتشوف آخر رئيس سوفياتي إلى طلب مساعدة الألمان (الغربيين)، في تسهيل إقراض بلاده ملياري دولار بصورة مستعجلة من أجل تغطية النفقات الجارية ودفع رواتب موظفي الاتحاد.
استغل الغرب عجز السوفيات وضعف غورباتشوف من أجل فرض شروط المنتصر في مفاوضات ما عرف بـ4+2، التي قررت مستقبل ألمانيا الموحدة وضمها إلى حلف شمال الأطلسي، الذي رفضه السوفيات سابقا، ثم عادوا وقبلوا به، على أمل الحصول على مساعدات اقتصادية لم تصل، ثم تبعتها تنازلات سوفياتية روسية بالجملة على أمل أن تصل أبدا.
حصيلة ما سبق، سيعود الفريق الإيراني المفاوض إلى مسقط أو فيينا بعد عدة أشهر، تحت وطأة أزمة أسعار نفط كارثية، حيث تشير التوقعات الاقتصادية إلى أن سعر برميل النفط سيلامس 60 دولارا، وهذا سيؤثر على سعر صرف العملة الإيرانية، التي سجلت مستوى انخفاض قياسيا، بعد إعلان فشل المفاوضات بنسبة 9 في المائة خلال أيام، ما أجبر الحكومة الإيرانية على اللجوء لصندوق الثورة السيادي، لمواجهة تأثير سقوط أسعار النفط، ودفع مستحقات الشركات العالمية، كما ارتفع سعر الخبز المدعوم من الدولة بنسبة 30 في المائة، حيث ازدادت فاتورة استيراد القمح بنسبة 95 في المائة وفقا لتقارير رسمية، ما يضاعف أعباء المواطن الإيراني، الذي أنفق نظامه ما يقارب 160 مليار دولار على مشروعه النووي، والمطالب الآن بالتخلي عن أجزاء كبيرة منه، ويستمر في الإنفاق على الحرب السورية، ومشاركة «حزب الله» فيها، ودعم الحوثيين في اليمن، والميليشيات العراقية، حيث بلغت التقديرات أن طهران أنفقت قرابة 23 مليار دولار على هذه الأزمات.
في لقاءي سوتشي عام 1990، وكييف عام 1991 بين هيلموت كول وميخائيل غورباتشوف، لم يرضخ الأخير لضغوط الحرس السوفياتي الحديدي، فمهد ثم وافق على انضمام ألمانيا الموحدة إلى حلف شمال الأطلسي، وخلال الأشهر المقبلة من المرجح أن يقتنع مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي بنصائح روحاني الاقتصادية، من أجل إنقاذ الدولة والنظام، وسيواجه التيار المتشدد، الذي يغامر بمستقبل إيران واستمرار نظامها، وقد يجد السيد خامنئي نفسه مرغما على تجرع كأس السم مجددا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طهران على خطى السوفيات طهران على خطى السوفيات



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia