تل أبيب وفرضيات الرد على الرد

تل أبيب وفرضيات الرد على الرد

تل أبيب وفرضيات الرد على الرد

 تونس اليوم -

تل أبيب وفرضيات الرد على الرد

مصطفى فحص

من المرجح أن العملية العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت كوادر مهمين في «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني في الجولان السوري، لم ينحصر قرار تنفيذها في القيادات العسكرية والأمنية فقط، وقد تكون قد أعطيت ضوءا أخضر سياسيا، واستراتيجيا ربما. فقد اختارت تل أبيب الهجوم في لحظة انتقالية حرجة تمر فيها سوريا والمنطقة، ويعول فيها المجتمع الدولي على انعطافة في علاقة طهران بالمجتمع الدولي تنهي الخلاف على مشروعها النووي.
لم يعر صناع القرار الإسرائيلي اهتماما لكل التقارير الإعلامية والسياسية والاستراتيجية، التي صدرت عن مؤسسات إسرائيلية وأخرى لبنانية عربية ودولية، تعليقا على ما قاله الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، في لقائه الإعلامي الأخير، حول القدرات العسكرية الهائلة التي يملكها «حزب الله»، والتي سيستخدمها ضد إسرائيل في حال أقدمت على استهداف «محور الممانعة»، في أي بقعة جغرافية كانت.
وجهت تل أبيب بهذه العملية رسائل سياسية وعسكرية بعدة اتجاهات. أولها لنظام الأسد، فقد أعادت تذكيره بضوابط العلاقة التي تربطهما، منذ توقيع اتفاقية فصل القوات بعد حرب تشرين 1973، التي تعهد فيها الأسد الأب بمنع أي عمل مسلح ضد إسرائيل عبر الأراضي السورية، وإخلاء المنطقة الحدودية بعمق 7 كلم من أي عتاد عسكري هجومي، الرسالة الثانية لـ«حزب الله»، وهي أن تل أبيب وإن غضت الطرف عن وجوده العسكري في سوريا، وسيطرته على مفاصل الدولة، إضافة إلى موافقتها الضمنية على منع سقوط الأسد، حتى حصولها على ضمانات من النظام البديل، إلا أنها لن تسمح بتحويل شريطها المحتل في الجولان إلى منطقة استنزاف كما جرى في جنوب لبنان، أما الرسالة الأقوى فهي باتجاه جنيف حيث تعقد اجتماعات إيران مع دول «5+1» حول مشروعها النووي، والقلق الإسرائيلي من إمكانية إقدام الرئيس الأميركي على عقد صفقة نووية مع طهران، لا تلحظ مصالح الأمن القومي الإسرائيلي.
أقدمت إسرائيل على عملية القنيطرة، وفي حساباتها احتمال الرد، ولعل سياسييها ينتظرون رد «حزب الله»، من أجل فتح معركة تحوي عدة سيناريوهات، الأول: حرب مدمرة تستمر عدة أسابيع، تفرض استنفارا دوليا من أجل احتوائها، ونقلها من معركة عسكرية إلى مواجهة سياسية، وهذا هدف تل أبيب منها، وفرصتها من أجل حجز مقعد لها على طاولة المفاوضات النووية بين إيران والغرب، وإجبار المفاوضين على مناقشة مخاطر القوة البالستية الإيرانية، وقواعدها العسكرية المتقدمة في لبنان وربما في الجولان، أما السيناريو الثاني: فبتصعيد تدريجي، يمتد لعدة شهور، ويتحول إلى حرب شاملة، تكرر فيها تل أبيب سيناريو 1982، الذي مكنها من طرد منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، وتطمح الآن إلى أن تقضي على القدرة القتالية لـ«حزب الله»، وتدمير الدولة اللبنانية. لكن في حال جاء رد الحزب من داخل الأراضي السورية، فإن الرد الإسرائيلي سيكون بالقضاء على ما تبقى من قدرات النظام السوري وعلى تجمعات «حزب الله» في سوريا، مما سوف ينقلب لصالح المعارضة، ويبدل موازين القوى، ويوقع الأسد تحت ضغط مسلحي المعارضة، ويفرض عملية سياسية لا تنساب طهران.
منطق السياسة يقول إن «حزب الله» المستنزف في سوريا، الذي لا يمكنه تحمل أعباء حرب تجر لبنان إلى خراب شامل، من المستحسن أن يتجنب الحرب أو يؤخرها، كما أن منطق السياسة في طهران لن يسمح لإسرائيل بضبط ساعة الحرب على توقيتها، ولن يقبل أن تقف حجر عثرة بوجه تقاربه مع واشنطن، كما أن تحريك ذراعه العسكرية في لبنان له حساباته، لكن منطق العسكر يختلف في طهران وفي تل أبيب عن منطق السياسة، حيث تتحكم القوة في العقل، وتصبح الحرب حلا ملائما للخروج من المآزق المتراكمة لديهما، من انخفاض أسعار النفط، إلى المراوحة في الملف النووي، إلى الأسد الجريح، إلى الانتخابات الإسرائيلية، وأخيرا وليس آخرا العبور الدبلوماسي الناجح لفلسطين نحو المجتمع الدولي.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تل أبيب وفرضيات الرد على الرد تل أبيب وفرضيات الرد على الرد



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia