الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي

الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي

الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي

 تونس اليوم -

الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي

بقلم : مصطفى فحص

هي العَجَلة أم سوء التقدير، أم أن حسابات البيدر اختلفت عن رهانات الحقل، وبات التمسك بالموقف ومعاندة المجتمع الدولي وتحدي الجوار الإقليمي أخف ضرراً على القيادة الكردية من مجموعة الأضرار التي ستطفو على سطح الوضع الكردي الداخلي، نتيجة عدم تحقيقها الحد الأدنى من المكاسب التي وعدت مواطني كردستان بإنجازها جرّاء الاستفتاء. فعلى ما يبدو أن وطأة الحصار السياسي والاقتصادي قد أرخت بثقلها على الوضع الداخلي، وبدا مشهد التماسك الكردي يتداعى، وتعلو معه الأصوات المعترضة على منهجية أربيل السياسية، وكيفية معالجتها للأزمة، والإحراج الذي تسببت به للأحزاب الكردية الكبرى من مسألة الاستفتاء على الانفصال أمام الشعب الكردي، ومن ثم المأزق الذي خلقته للأكراد عامة، نتيجة إدارتها غير الناجحة للملف، الأمر الذي نبّه الأطراف الحزبية الكردية إلى إعادة خلط أوراقها السياسية من جديد، والعمل على إظهار تمايزها عن أربيل في العديد من المقاربات التي تخص الاستفتاء والعلاقة المستقبلية مع بغداد. وفي هذا الإطار برز موقف القيادي السابق في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة الرئيس السابق جلال طالباني، الدكتور برهم صالح، يوم الاثنين، الذي عبر عنه أثناء 

إعلانه عن تأسيس تيار سياسي جديد أطلق عليه اسم «التحالف من أجل الديمقراطية والعدالة»، حيث قال: «بعد أربعة عشر عاما من القضاء على نظام صدام، حان وقت مراجعة هذه المنظومة واختلافاتها البنيوية، فقد آن أوان حل جذري للمشاكل الأساسية لنظام الحكم في العراق»، مشدداً على أنه لا يمكن أن تبقى هذه البلاد أسيرة الصراعات الداخلية والإقليمية. تحرّك صالح يأتي في الوقت الذي تعيش فيه قيادة «الاتحاد الوطني الكردستاني» تراجعاً في شعبيتها، وفي تأثيرها جرّاء غياب زعيمها جلال طالباني عن المشهد السياسي، وإخفاقها في تقديم قيادة جديدة تستطيع استعادة مكانتها التاريخية لدى الأكراد والعراقيين. خطوة صالح المنتظرة منذ زمن تختلف عن المواقف الحادة التي أطلقتها «حركة التغيير» التي انشقت منذ سنوات عن «الاتحاد الوطني» أيضاً، والتي كشفت، في بيان لها، يوم الاثنين الفائت، أنها أعلنت منذ البداية أن الأجواء الداخلية والخارجية غير مناسبة لإجراء الاستفتاء، ولفتت إلى أن «قيادتي الحزبين الديمقراطي والوطني الكردستاني والمتحالفين معهم قاموا بإجراء الاستفتاء دون مراعاة مصالح شعبنا، وتقييم الأوضاع ومناقشة الاحتمالات وردود الأفعال؛ ولهذا يشعر مواطنو كردستان اليوم بالخوف والقلق وخيبة الأمل في انتظار مصير مجهول». وفي نفس الإطار لم يكن موقف الجماعة الإسلامية الكردستانية مختلفاً كثيراً عن موقف حركة التغيير، حيث اعترضت الجماعة بدورها على قرار أربيل إلغاء المجلس الأعلى للاستفتاء، وتشكيل المجلس السياسي لكردستان، حيث اعتبرت أن «تشكيل هذا المجلس السياسي لا يحمل شرعية قانونية، كما أنه سيسهم في تعميق المشاكل وتفكيك وحدة الصف الكردستاني»، معتبرة أن «هذه الخطوة تدل على أن المتسلطين مستمرون في توجهاتهم وقراراتهم الخاطئة التي تتسبب في تأزيم الوضع».

بدورها شبّهت عضو المكتب السياسي في الاتحاد الوطني الكردستاني، السيدة هيور إبراهيم أحمد، عقيلة الرئيس العراقي السابق المام جلال طالباني، المجلس السياسي لكردستان العراق بـ«مجلس قيادة الثورة العراقي»، واصفة تشكيله في هذه الفترة بالخطأ الكبير. وأضافت: «إنه في الوقت الذي طالبَنا المجتمع الدولي بعدم إجراء الاستفتاء في الوقت الحالي، وقدم عدة حلول لحل المشاكل، تحدت القيادات الكردستانية كل العالم، ولكن يبدو أن شعبنا الآن يدفع ضريبة ذلك التحدي».

وعليه، فإن رهان القيادة الكردية العراقية على إمكانية إحداث اختراقات نوعية في المواقف المحلية أو الإقليمية أو الدولية يساعدها على فك جزئي لعزلتها لم يحصل، ورغم ترحيبها بالمبادرة التي أطلقها المرجع الشيعي الأعلى الإمام السيد علي السيستاني للحوار بين أربيل وبغداد، فإن المرجعية النجفية التي تحركت من موقع الحرص على حقن دماء العراقيين، أكدت في مبادرتها على رفض الاستفتاء، ودعت جميع الأطراف إلى الحوار تحت سقف الدستور. موقف النجف ساعد على تطمين الأكراد بأن خيار استخدام العنف غير وارد لحل الأزمة، وهو ما أعاد إلى أذهان الكرد الفتوى التي أصدرها المرجع الشيعي الراحل الإمام السيد محسن الحكيم في يوليو (تموز) 1965، والتي حَرّم فيها قتال الأكراد، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بأن التاريخ المشترك بين الأكراد والعراقيين لا يمكن لجهات سياسية كردية وشيعية أن تتجاوزه نتيجة مراهناتها على حسابات داخلية وخارجية خاطئة من أجل الهروب من مواجهة مجموعة استحقاقات داخلية كبيرة على المستوى الكردي الخاص، وعراقية على المستوى الوطني.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي الاستفتاء بين الارتباك الكردي والمفتاح النجفي



GMT 08:48 2019 الأربعاء ,20 شباط / فبراير

المرجعية الدينية ورعاية المواطن العراقي

GMT 04:58 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

السيستاني ورعاية الوطنية العراقية

GMT 08:41 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

سوريا بين قيصرين

GMT 07:23 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العبادي ما بعد السلطة و«الدعوة»

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

إيران... الضربة آتية من الداخل

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia