يتيمة أم مغدورة

يتيمة أم مغدورة؟

يتيمة أم مغدورة؟

 تونس اليوم -

يتيمة أم مغدورة

د. وحيد عبدالمجيد

يتابع المتخصصون فى قضايا الثورات العربية، والمهتمون بها، الجدل العميق الذى يثيره كتاب د. زياد ماجد الجديد عن الثورة السورية تحت عنوان: (سوريا الثورة اليتيمة).
فما أصعبها، قبل كل شىء، الكتابة عن الثورة السورية فى أشد لحظات التراجع التى تمر بها منذ اندلاعها فى مارس 2011. وما أشق مهمة الباحث والأستاذ الجامعى حين يكتب عن ثورة اختلطت فيها الأوراق إلى الحد الذي يهدد بطمس ورقتها الأصلية التى خط أطفال صغار حروفها الأولى عندما كتبوا على جدران مدرستهم فى درعا ما يعبر عن تطلعهم إلى الحرية. فكان اعتقال زبانية نظام بشار الأسد هؤلاء الأطفال وتعذيبهم وقلع أظافرهم، ثم الاعتداء على أهلهم ومنهم بعض كبار عائلات درعا وشيوخ عشائرها، هما الشرارة التى أطلقت ثورة تعرض مؤلف الكتاب لانتقادات شديدة لأنه اعتبرها يتيمة.
فاليتيم هو من فقد الأب والأم، بينما هذه الثورة اندلعت احتجاجاً على «الأبوة» القسرية التى يدعيها نظام جعل المجتمع سجناً كبيراً ونصَّب نفسه وصياً عليه.أما تخلى المجتمع الدولى عنها فهو يؤكد أنه منبت الصلة بها، ولا يمكن بالتالى أن يكون أباً فقدته. والأقرب إلى الواقع هو أن القوى الدولية التى تدعى الدفاع عن مبادئ الحرية خانت هذه المبادئ قبل أن تخون السوريين. ولذلك يصبح الوصف الأدق للثورة من هذه الزاوية هو أنها مغدورة أى تعرضت للغدر.
غير أن أهم ما فى الجدل حول الكتاب المذكور هو أنه يثير حواراً حول قضايا بالغة الأهمية بالنسبة إلى مستقبل الشعوب التى تعيش تحت القهر والظلم، وفى مقدمتها قضية تحويل المجتمع إلى سجن كبير وكيف تتمكن سلطة غاشمة من وضع الناس فى حالة من الخوف تدفعهم إلى المطالبة بإبقائهم فى هذا السجن، أو قبول إعادتهم إليه حال خروجهم منه سعياً إلى استعادة قبضتها الأمنية، وإعادة إنتاج حكمها فى إطار ما يسميه المؤلف «نظام الأبد».
ويكفى هذا الجدل لكى نحيى زياد ماجد الذى يمثل كتابه إضافة نوعية إلى الكنايات العميقة القليلة حول «الربيع العربى». هذا فضلاً عن التحية الواجبة له باعتباره مثقفاً يسارياً مكنَّه إيمانه العميق بالحرية من تجنب المنحدر الذى سقط فيه يساريون سوريون آخرون يساندون سلطة المذابح اليومية دون أن يغمض لهم جفن.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يتيمة أم مغدورة يتيمة أم مغدورة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia