حالتان هستيريتان

حالتان هستيريتان

حالتان هستيريتان

 تونس اليوم -

حالتان هستيريتان

د. وحيد عبدالمجيد

لا يصح أن ندفن روسنا فى الرمال ونتجاهل أن المجتمع المصرى يعانى انقساماً لا سابق له فى تاريخه الحديث. أما إذا كنا نجهل حقيقة هذا الانقسام، فالمشكلة أو المصيبة أكبر، لأنه تعيش وملموس. فكم من أسر تفرق شملها، وكم من أصدقاء قاطعوا بعضهم البعض وربما صاروا أعداء.

ورغم أن هذا الانقسام خطير فى ذاته بالنسبة إلى مستقبل أى مجتمع، فاقترانه بنوع من الهستريا الجماعية يزيده خطراً. فثمة حالة هستيرية أصابت قطاعات من الفريقين اللذين انقسم المجتمع بينهما، على نحو لا سابق له أيضاً فى مصر.

ورغم وجود مفاهيم متعددة لحالة الهستيريا، سواء الشخصية أو الجماعية، فالقدر المتعارف عليه هو إنها تحدث نتيجة عجز عن تلبية المتطلبات الواقعية، مما يؤدى إلى حدوث تعارض بين الواقع وتخيلات لا شعورية. ويؤدى ذلك إلى أشكال مختلفة من الهستيريا التى يمكن أن نجد اثنين منها لدى قطاع يُعتد به من أعضاء جماعة " الإخوان " وأنصارها فى ناحية، وفى بعض الأوساط الأشد عداء لها فى الناحية الاخرى.

وبين هاتين الهستيرياتين ، يزداد المجتمع تمزقاً لأن كلاً منهما تغذى الأخرى وتزيد أعراض المصابين بها حدة وتفاقم الكراهية المتبادلة وتؤدى إلى مزيد من التوتر والاحتقان المجتمعى. فيبدو المجتمع, والحال هكذا, كأنه مصاب بعصاب جماعى.

ولو استعنا بالتحليل الفرويدى المشهور، وعُدنا إلى نظريته فى العلاقة بين الحلم والهستيريا، ربما نجد معالم أولية لـ "روشتة" لعلاج الخطر الذى يهدد المجتمع المصرى. وقد يبدأ هذا العلاج بالسعى إلى خفض مستوى أحلام الفريقين المصابين بالهستيريا السياسية لتقليل الفجوة بينها وبين معطيات الواقع.

فمن الضرورى أن يضع الحالمون بما يسمونه "عودة الشرعية" حداً لهذا النوع من الأحلام، لأن حلماً أقل مثل عودة جماعة "الإخوان" بالصيغة التى ظلت عليها لأكثر من ثمانية عقود لم يعد ممكنا.

ومن الضرورى فى المقابل أن يخفض الحالمون باختفاء "الإخوان" من المشهد مستوى ما يحلمون به، ويدركوا أن كلامهم عن "مصر بلا إخوان" يفتقد الصلة بالواقع.

فلنضع حداً لحالتى الهستيريا اللتين تتغذى إحداهما على الأخرى، قبل أن تمزَّقا نسيج المجتمع فى مرحلة يزحف فيها خط التمزق فى المنطقة على نحو يفرض علينا التسلح بقدر من المناعة فى مواجهته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حالتان هستيريتان حالتان هستيريتان



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia