ثقافة القتل ذبحا

ثقافة القتل ذبحا !

ثقافة القتل ذبحا !

 تونس اليوم -

ثقافة القتل ذبحا

د. وحيد عبدالمجيد

لا يصح أن نستهين بدلالات سلوك الشبان الذين ضاقوا ذرعاً ببعض القطط فى نادى الجزيرة ، فقاموا بذبحها بصورة جنونية على الطريقة الإرهابية. ولا ينبغى أن نختزل هذا المشهد فى أنه سلوك عبثى أو هزلى لشباب ضائعين يبحثون عن وسيلة للتسلية.

فما أكثر هذه الوسائل لو أننا فى وضع طبيعى. ولكننا لسنا فى مثل هذا الوضع لا داخلياً ولا إقليميا. الانقسام المجتمعى يزداد حدة، ولكن ما يختفى منه تحت السطح أكبر بكثير مما يظهر. والمنطقة فى حالة غليان دموى آخذ فى التوسع. وحروبها الأهلية تزداد عدداً وعنفاً وضراوة.

وهذا يكفى لأن نأخذ مشهد ذبح القطط بطريقة هستيرية مأخذ الجد، وننَّبه إلى دلالاته الخطيرة. وأهمها بطبيعة الحال أن ثقافة قطع الرقاب وفصل الرؤوس عن الأجساد وصلت إلينا وشهوة الذبح أصبحت فى قلب مجتمعنا.

وليتنا نتأمل “فيديوهات” ذبح قطط نادى الجزيرة، ونلاحظ شبق شباب من الفئات الاجتماعية العليا والوسطى للدم، وتجردهم من أى مشاعر إنسانية وهم يطبقون على قطة مذعورة ويذبحونها بدم بارد وهم يصيحون ويعربدون حولها، ثم يفصلون رأسها عن جسدها ويتكالبون للامساك بالرأس، ونقارنها بـ”فيديوهات” عمليات الإعدام التى تنفذها تنظيمات إرهابية بالطريقة نفسها.

صحيح أن الجانب العدوانى فى هذا السلوك ليس جديداً، بعد أن صار بعضنا لبعض أعداء. ولكن الجديد الذى ينبغى أن يؤخذ بجدية هو الطابع الدموى للسلوك العدوانى المتزايد فى مجتمعنا.

فنحن، إذن، أمام سلوك عدوانى يزداد حدة بسرعة كما يتضح فى أشكال التحرش الجنسى وأساليبه خلال السنوات الأخيرة. فما حدث فى ميدان التحرير فى يونيو الماضى كان أكثر وحشية، واحترافاً أيضاً، من حالات التحرش السابقة.

كما أننا إزاء تحول فى السلوك العدوانى يدل على أن الهستيريا الدموية التى تجتاح المنطقة قد لا تبقى بعيدة عنا إذا لم ننتبه جيداً إلى أن مواجهة الإرهاب بقوة الأمن وحدها تساهم فى نشر ثقافة العنف بدلاً من محاصرتها. كما أن تنامى العنف اللفظى، وخاصة فى الإعلام، يخلق ركائز متزايدة لهذه الثقافة، وخاصة حين يقترن بنشر الكراهية ورفض الآخر – كل آخر – والتحريض على المختلفين والاغتيال المعنوى.

وعندما يكون هذا هو حالنا، فلا عجب أن تجد ثقافة القتل ذبحا والشبق للدم طريقها إلينا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثقافة القتل ذبحا ثقافة القتل ذبحا



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia