د. وحيد عبدالمجيد
قصة الحب القوية التى جمعت بطلى مسلسل «حارة اليهود» هى أحد الخطوط الدرامية الرئيسية فيه. ورغم أن الفكرة التى قامت عليها هذه القصة ليست جديدة فى الأدب والدراما، بل موغلة فى القدم إذ تعود أصولها إلى «الإلياذة» و»الأوديسا»، فهى لا تخلو من جديد يتعلق بالعقيدة الدينية للضابط على المسلم والفتاة ليلى اليهودية.
وقد خدمت حالة الاختلاف الدينى هذه الخط الدرامى الذى ارتبطت به، واستمدت أهميتها من التغير الشديد الذى حدث فى منظومة القيم المجتمعية المصرية من التسامح واحترام الآخر إلى التعصب والتشدد.
ولذلك اكتسبت فكرة الجندى الذى يعود من ميدان القتال إلى الوطن فيجد حبيبته أو خطيبته أو حتى زوجته تستعد للزواج من آخر، والتى عولجت فى عدد كبير من الأعمال الأدبية والدرامية، طابعاً مصرياً جعلها مختلفة عن تلك الأعمال التى أذكر منها مسرحية «فوتيسك» لجورج بوخنر، ومسرحية «طبول فى الليل» للمبدع الرائع برتولد بريخت.
ويُعد الاختلاف الدينى فى «حارة اليهود» بين الضابط العائد والحبيبة التى فُرض عليها الزواج من ثرى لإنقاذ أسرتها أحد الأسباب التى جعلت معالجة هذه الفكرة مختلفة فيه.فالأعمال التى تناولتها من قبل كتبها أوروبيون لا يشغلهم اختلاف الأديان لأن مجتمعاتهم تجاوزت التعصب منذ زمن طويل.
ومع ذلك، نجد خيطاً يربط معالجة فكرة العلاقة بين جندى وامرأة لا تنتظره حين تنقطع أخباره فى ميدان القتال فى مسلسل «حارة اليهود» ومسرحية «طبول فى الليل»، وهو الثرى الذى «يسطو» على من اعتقد هذا الجندى أنها ستنتظره مهما طال الغياب.
فعندما عاد الجندى أندرياس من الأسر، وجد فتاته تستعد للزواج من أحد أثرياء الحرب التى قاتل هو فيها بكل شجاعة حتى وقع فى الأسر وانقطعت أخباره. ولكن فتاته، بخلاف ليلى فى «حارة اليهود»، لم تهرع إليه حين ذهب إلى حفل زواجها فى «بيكاديللى بار». وعندما قرر أن ينساها وينخرط فى حركة ثورية لتغيير الأوضاع التى أضعفت الجيش فى حرب استغلها فاسدون للإثراء (بطريقة لا تختلف فى جوهرها عن موقف عنى تجاه النظام الملكى)، فوجئ بها تعود إليه.
ولكن مسرحية «طبول فى الحرب» انتهت بزواجهما، بخلاف مسلسل «حارة اليهود» الذى كان مستحيلاً أن ينتهى بزواج على وليلى.