الحكومة  والشرف
أخر الأخبار

الحكومة .. والشرف

الحكومة .. والشرف

 تونس اليوم -

الحكومة  والشرف

د. وحيد عبدالمجيد

(ليس من مهمات الحكومة أن تحدد من يستحق الشرف). هذا هو تعليق الأستاذ فى مدرسة باريس للاقتصاد توماس بيكيتى على قرار الحكومة منحه «وسام جوقة الشرف».

 وهو أرفع وسام استحقاق فى فرنسا، تكريماً له على كتابه (رأس المال فى القرن الحادى والعشرين) الذى يُعد الكتاب الأكثر إثارة للاهتمام والجدل فى العالم منذ أن صدر بالفرنسية ثم تُرجم إلى الإنجليزية و 25 لغة أخرى العام الماضى.

ولقَّن بيكيتى بموقفه هذا الحكومات كلها درساً فى حدود سلطاتها وصلاحياتها، مثلما كشف أن من يتهافتون لنيل الجوائز والأوسمة من هذه الحكومات يقبلون تصغير أنفسهم.

كما عبر بهذا الموقف عن استقامة رجل العلم الذى يرفض مد يديه إلى حكومة يرى أن سياساتها، وغيرها من حكومات الدول الرأسمالية كبيرها وصغيرها فى الأغلب الأعم، تقود العالم إلى كارثة عبر تعميق التفاوت الاجتماعى ليزداد أغنى الأثرياء ثراء ويشتد فقر من هم أكثر فقراً فى العالم. وهذا هو جوهر إسهامه فى كتابه الذى يُعد أهم كتاب اقتصادى فى العالم، منذ أن أصدر جون كينز كتابه المعروف (النظرية العامة فى العمل والفائدة والنقود) عام 1936. كما يجوز اعتباره رابع ثلاثة أهم كتب اقتصادية تأسيسية فى التاريخ، وهى (تحولات فى طبيعة ثروات الأمم ومسبباتها) لآدم سميث عام 1776، وكتاب (رأس المال) لكارل ماركس الذى بدأ إصداره (الجزء الأول) عام 1867، إلى جانب كتاب كينز.

فقد أثبت بيكيتى فى كتابه بطريقة علمية منهجية، واعتماداً على تحليل رياضى إحصائى، مدى حدة التفاوت الاجتماعى فى العالم وأخطاره على النظام الرأسمالى نفسه وليس فقط على ضحاياه. وشرح كيف أن القاعدة الأساسية فى هذا النظام هى تضاؤل نصيب العمل ورأس المال البشرى فى مجمله مقابل رأس المال المالى مما يؤدى إلى تركز الثروات لدى قلة محدودة يتنامى نفوذها السياسى أيضاً، فى إطار ما نسميه «الرأسمالية المتوحشة».

ويفَّند بيكيتى فى هذا السياق بشكل ضمنى «النظرية» البائسة التى روَّجها أركان نظام حسنى مبارك، ومازالت مؤثرة فى صنع القرار الاقتصادى حتى الآن، وهى انسياب ثمرات النمو الاقتصادى تلقائياً من أعلى إلى أسفل لتغمر المجتمع كله Trickle down effect.

لقد اتخذ بيكيتى موقفاً تاريخياً، مثلما قدم كتاباً تاريخياً، رغم أن آخرين من الكبار فى فرنسا سبقوه إلى رفض الوسام نفسه مثل جان بول سارتر وسيمون دوبوفوار وجورج ساند.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة  والشرف الحكومة  والشرف



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:54 2016 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أحذية رياضية أساسية في خزانة كل رجل

GMT 22:30 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تعرف على الطريقة الصحيحة للتخلص من انسداد الأنف

GMT 08:34 2019 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

"بيركنستوك" تطرح منتجات جديدة صديقة للبيئة

GMT 00:57 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الـ«روبوت» ينافس الصين في هذا القرن

GMT 03:52 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

فى مكتبة الإسكندرية!

GMT 05:13 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

تمييز ضد المرأة الرياضية

GMT 12:18 2020 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تأجيل حفل أصالة في المنارة إلى 4 ديسمبر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia