قسوة السلطة

قسوة السلطة

قسوة السلطة

 تونس اليوم -

قسوة السلطة

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كم هى قاسية السلطة ليس على من تحكمهم فقط، ولكن أيضا على من يمارسونها عندما يضطرون إلى تركها أو يفقدوا التأييد الذى حظوا به عندما وصلوا إليها حتى إذا لم يحل ذلك دون استمرارهم فيها.

هى قاسية لأن إغراءاتها أقوى من أن يقاومها من لا يمتلكون مناعة مساوية لها فى القوة، ولا يدركون أهمية مراجعة أداء المؤسسات والأجهزة التابعة.

وتبلغ قسوة السلطة على أصحابها أعلى ذروة حين لا يؤهلون أنفسهم منذ اليوم الأول لهم فيها لمغادرتها بعد وقت معلوم، لكى يتجنبوا آلام تركها حين يأتى هذا الوقت. ولا تقتصر هذه القسوة على الحكام الذين يعتقدون أنهم باقون فى الحكم إلى الأبد، ولا على البلاد التى لا تعرف انتخابات دورية يُفترض أن تؤدى إلى تداول السلطة. إنها ظاهرة عامة نجد ما يدل عليها أيضاً فى بلاد ديمقراطية صار مبدأ تداول السلطة راسخاً فيها. ولكن القسوة تزداد فى هذه الحالة حين يضطر الحاكم إلى مغادرة السلطة بشكل مفاجئ، كما حدث لرئيس الوزراء البريطانى المستقيل ديفيد كاميرون. لم يكن تصويت الأغلبية لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبى هو الأرجح. كان مرجحاً أن يسفر الاستفتاء عن البقاء فيه بأغلبية طفيفة أيضاً. ولذلك لم تخل النتيجة التى أسفر عنها من مفاجأة رغم أنها لم تكن مستبعدة. ومهما كان تكوين كاميرون الشخصى والنفسى، يصعب تصور أن وقع نتيجة الاستفتاء لم يكن قاسياً عليه. وليست قليلة الحالات التى كانت مغادرة السلطة فيها قاسية فى بلاد ديمقراطية. ومن أشهرها حالة الرئيس التشيكى الأسبق فاسلاف هافيل، الذى حظى بشعبية هائلة لدوره فى قيادة «الثورة المخيلية» ضد الحكم الشيوعى عام 1989.

وكان هافيل كاتباً مسرحياً ومثقفاً كبيراً. ولذلك أُطلق عليه «الملك الفيلسوف». وحافظ على شعبيته فى فترته الأولى (90-1996). ولكنه بدأ يفقدها فى الفترة الثانية لأن التوقعات كانت أكبر مما تحقق. وكان عامه الأخير فى السلطة (2002) الأكثر قسوة، إلى حد دفعه لاختيار أن يمضى معظم الوقت خارج البلاد بعد أن يترك القصر الرئاسى. وفى المنزل الذى اشتراه بمدينة بوفيرا على الساحل البرتغالى، عاد إلى الكتابة وظل يبحث عن السبب فى شعوره بالخيبة من السياسة، وشعور الشعب بخيبة الأمل فيه.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قسوة السلطة قسوة السلطة



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia