جرائم  وأمراض نفسية

جرائم .. وأمراض نفسية

جرائم .. وأمراض نفسية

 تونس اليوم -

جرائم  وأمراض نفسية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

ظاهرتان بارزتان فى مسلسلات رمضان الحالى هما وجود جرائم يخفى معظمها ألغازاً, وكثرة الشخصيات المصابة بأمراض

نفسية. وفى بعض المسلسلات نجد الجريمة والمرض النفسى متوازيين، بينما يتداخلان فى مسلسلات أخرى.

والجمع بين الجريمة والمرض النفسى ليس جديداً فى عالم الفن والأدب بوجه عام. ولكن القليل فقط من الأعمال التى تندرج فى هذا الإطار ينطوى على إبداع حقيقى. ويُقاس الإبداع فيها بمعايير أهمها القدرة على الغوص فى أعماق الحالة النفسية للمجرم، أو للمريض القريب منه، ومدى عمق المعالجة أو سطحيتها.

ورغم أن العادة جرت على استهجان اقتباس أعمال فنية من أخرى أجنبية، ربما يكون هذا الاقتباس مفيداً فى رفع مستوى الأعمال الدرامية المصرية التى تمتزج فيها الجريمة بالمرض النفسى فى حالة استمرار الإقبال عليها. ورغم أن مسلسل الميزان يعتمد على الجريمة الملغزة فقط، ولا يربطها بمرض نفسى، فقد أوحت لى شخصية رجل الأعمال شريف لطفى فيه بمقارنة قد توضح هذا المعنى مع شخصية جيلمور فى رواية «نشيد الجلاد» للأديب الأمريكى الكبير نورمان ميلر. فقد حُكم على كل منهما بالإعدام فى جريمة قتل (جريمتان فى حالة جيلمور). ولكن بخلاف لطفى الذى كان يتمنى البراءة أو تخفيف الحكم، وفعلت محاميته «المستحيل» لهذا الغرض, رفض جيلمور فى الرواية الأمريكية هذا الخيار أصلاً ومنع الدفاع عنه من الطعن فى الحكم بالإعدام. ولذلك تدور الرواية فى قسمها الثانى حول البحث فى دوافعه لتفضيل الإعدام من خلال الغوص فى أعماق نفسه. وكان عمق الرواية فى هذا المجال هو الذى أضفى عليها قيمتها فى الأدب العالمى.

وبعد سرد ممتع ومشوق يتبين أن لدى جيلمور رغبة دفينة فى الانتقام من المجتمع. فقد كان يعرف أن معظم سكان ولايته يرفضون التشريع الذى أعاد العمل فيها بعقوبة الإعدام التى كانت ملغاة. ولذلك اختار جيلمور الموت ليحقق هذه الرغبة الانتقامية المرضية التى تشكلت نتيجة شعور طاغ بالظلم، وخاصة أنه ينتمى إلى طائفة «المورمون» تؤمن بخلود الروح وحلولها بعد الموت.

وهذا الغوص فى النفس البشرية هو الذى يجعل لأى عمل أدبى أو فنى قيمة تزداد كلما كانت المعالجة عميقة، وليست مشوقة فقط. ولكن من أين لنا العمق فى أعمالنا الدرامية فى مرحلة تسودها السطحية فى معظم المجالات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جرائم  وأمراض نفسية جرائم  وأمراض نفسية



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia