أليست هذه وحشية

أليست هذه وحشية؟

أليست هذه وحشية؟

 تونس اليوم -

أليست هذه وحشية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

عندما أصدر أستاذ الاقتصاد الكبير الراحل د. رمزى زكى كتابه الذى أحدث جدلاً واسعاً «الليبرالية المستبدة» 1993، استنكر المختلفون معه وصفه الاتجاه الليبرالى الذى تحدث عنه بالتوحش. فقد قصد تيار «الليبرالية الجديدة» التى كتب دراسة عنها فى مجلة «عالم الفكر» أكتوبر 1996.

وهذا هو التيار السائد فى كثير من الأوساط الاقتصادية، والمؤسسات المالية والنقدية، فى العالم منذ السبعينيات. ويتبنى صندوق النقد الدولى أهم ركائز هذا التيار الذى قد يكون وصفه بالوحشية قاسياً، ولكنه ليس بعيداً عن الحقيقة لأنه لا يعبأ بالفقراء والضعفاء، بل يحتقرهم ويراهم عقبة أمام التقدم.

ويرتبط ذلك بالفلسفة الاقتصادية لهذا التيار0 وهى تقوم على مبدأ الاستحقاق الذى بلوره كل من دانيال بيل فى كتابه »بزوغ مجتمع ما بعد الصناعة«، وروبرت نوزيك فى كتابه «الفوضى والدولة واليوتوبيا».

ويتلخص هذا المبدأ فى أن الأشخاص الذين يحققون الثراء ويجنون مكاسب كبيرة يستحقون ذلك بسبب مواهبهم الفطرية التى تُمكَّنهم من النجاح والإنجاز. ولنلحظ هنا التركيز على مسألة فطرية مواهب الأكثر ثراءً، لأنها تُستخدم فى تبرير رفض أى تدخل لإعادة توزيع الدخل. فالموهبة الفطرية هنا سابقة على أفكار العدالة الاجتماعية التى يعتبرها الليبراليون الجدد متعارضة مع طبائع الأمور.

يوضح نوزيك الأمر على النحو التالي: إذا كان مستحيلا لأى مؤسسة أو آلية أن تتحكم فى المواهب فتحرم المولود ذكياً من بعض ذكائه، وتضيف إلى من ينشأ غبياً بعض الذكاء، فليس من حقها بالتالى أن تأخذ من ذاك لتعطى هذا حتى لا تخل بالتراتب الاجتماعى الطبيعي.

غير أن نقطة الضعف التى عجز مفكرو الليبرالية الجديدة عن معالجتها هى نتائج البحوث التى أثبتت أن قدرات الفرد المكتسبة يمكن أن تكون أكثر من مواهبه الفطرية, وأن الكثير من الخصائص التى تحدد قدرات الفرد يرتبط بالبيئة التى ينشأ فيها، وأن الحراك الاجتماعى يتحقق من خلال ضمان تكافؤ الفرص فى هذه البيئة.

وعندما تنكر الليبرالية الجديدة معطيات من هذا النوع, وتصر على أن من ولدوا فقراء يبقون كذلك, ألا تعد هذه وحشية؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أليست هذه وحشية أليست هذه وحشية



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia