علام يحافظون

علام يحافظون؟

علام يحافظون؟

 تونس اليوم -

علام يحافظون

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كثيرة هي الأخطار التي تهدد أي مجتمع إنساني. ولكن أخطرها هي تلك التي تؤدي إلي تجمده أو إعادته إلي الوراء بدعوي المحافظة عليه. فلم يتعرض أي مجتمع في العصر الحديث لخطر أكبر من ذلك الذي يترتب علي ادعاء بعض جماعاته أو أفراده أو مؤسساته المسئولية عنه، وممارسة وصاية عليه بدعاوي تدور كلها حول كلمة المحافظة. فإذا لم تكن وصايتهم للمحافظة علي الثوابت، تكون متعلقة بالأخلاق، أو بالعقيدة، أو بالقيم، أو العادات، أو النظام العام.

ليس مفهوماً مثلاً من الذي فوَّض أولئك الذين يدعون المحافظة علي المجتمع لأداء هذا الدور؟ وليس معروفاً كذلك ما الذي يريدون المحافظة عليه بدقة لأن كل ما يدعون أنهم يحافظون عليه يفتقر إلي التحديد والوضوح، فضلاً عن أنه يتسم بالتعدد والتنوع في أي وضع طبيعي. فعلي سبيل المثال ليس هناك نموذج أخلاقي واحد، أو سلوك أخلاقي مثالي لا ثاني له، في مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، وفي مختلف أنحاء أي مجتمع.

ويغفل من يزعمون المحافظة علي العقيدة، أو يتغافلون عن أن في كل مجتمع عقائد متعددة، سواء دينية أو غيرها، فضلا عن أن داخل كل عقيدة مذاهب ومدارس مختلفة. فما الذي يُراد المحافظة عليه منها، وممن أو من أي شئ علي وجه التحديد؟

أما حين يتعلق الأمر بالمحافظة علي ثوابت أو نظام عام وما إلي ذلك من كلمات وعبارات مطاطة يستحيل الاتفاق علي محتواها، تصبح علامة الاستفهام أكبر.

وإذا كان صعباً أن نعرف ما الذي يريدونه الأوصياء علي مجتمعنا للمحافظة عليه، فمن السهل معرفة أن هذه الوصاية لم تُفرض في مجتمع إلا أخرته بعد أن حرمته من القدرات الإبداعية في البحث العلمي والفكر والأدب والفن.

فلم يتقدم مجتمع حورب فيه الإبداع والابتكار والتجديد، وعُطل فيه العقل، وفُرض علي أبنائه أن يعيشوا خائفين ممن نصَّبوا أنفسهم أوصياء عليه وادعوا أنهم يحافظون عليه، بينما هم في الحقيقة لا يحافظون إلا علي مصالح يخافون أن يجرفها التطور الطبيعي لهذا المجتمع حين يأخذ طريقه إلي التقدم.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علام يحافظون علام يحافظون



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia