ما هى إلا ضحية

ما هى إلا ضحية

ما هى إلا ضحية

 تونس اليوم -

ما هى إلا ضحية

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

مسكينة حقاً فادية حمدى الشرطية التونسية التى اتُهمت بصفع البائع المتجول محمد بوعزيزى، الذى أدى انتحاره حرقاً إلى انفجار غضب ظل مكتوماً لسنوات طويلة، فحدثت احتجاجات اجتماعية تحولت بسرعة إلى ثورة تُعد واحدة من أكثر الثورات الشعبية إبداعاً فى التاريخ الحديث. 

مسكينة هى لأن وعيها العام مازال محدوداً، رغم أنه نضج نسبياً بعد سبع سنوات على اندلاع الثورة. ولولا هذا النُضج ما شاركت فى الاحتفالات التى أُقيمت فى مدينة سيدى بوزيد مهد تلك الثورة فى ذكراها السنوية السبت الماضى. 

تظن فادية أن ما فعلته مع بوعزيزى هو الذى أشعل ثورة الياسمين0 ولا يُفهم من حديثها إلى صحيفة «تليجراف» البريطانية هل هى نادمة أم فخورة حين تنسب إلى نفسها ما لا طاقة لأحد فى الكون به، وتقول أنها هى التى تسببت فى اندلاع ثورة لم تغير شيئاً فى حياة التونسيين الذين يعانون كما كانوا دائماً وفق تعبيرها. وتذهب بخيالها بعيداً حين تقول إنها صنعت التاريخ، لأنها مازالت تظن أن انتحار بوعزيزى هو السبب الوحيد للثورة. 

وهى لا تعرف أن أحداً كائناً من كان لا يستطيع صنع ثورة، وأن الثورات الشعبية لا تُصنع أصلاً، بل تتراكم العوامل المؤدية إليها طبقات فوق أخرى على الطريقة البركانية إلى أن تنفجر فى لحظة يستحيل توقعها. ولذلك كان سلوكها مع بوعزيزى، سواء صفعته أم تعاملت معه بفظاظة، يشبه عود ثقاب أُلقى على كم هائل من الوقود كان جاهزاً فى تلك اللحظة للاشتعال. 

ولا تعرف فادية أيضاً أن الصفع ليس السبب الوحيد الذى يؤلم الإنسان، وأن الشعور بالظلم أكثر وطأة على النفس من أى أذى جسدى. فهى تقول ببساطة إنها لم تصفعه، بل صادرت فقط العربة التى كانت مصدر رزقه الوحيد. 

ورغم أن حديثها يدل على إدراكها مدى معاناة التونسيين قبل الثورة وبعدها, فهى لا تعى أنها واحدة ممن يُستخدمون لزيادة هذه المعاناة عندما يظلمون البسطاء فى التعامل اليومى معهم، فى الوقت الذى تعانى هى وأمثالها من ظلم السياسات الاقتصادية والاجتماعية. فما فادية إلا ضحية مثلها فى ذلك مثل بوعزيزى، كما هو الحال فى العلاقة بين كل «فادية» وكل «بوعزيزى». 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما هى إلا ضحية ما هى إلا ضحية



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia