جدوى  الهياج الإعلامي

جدوى " الهياج الإعلامي"

جدوى " الهياج الإعلامي"

 تونس اليوم -

جدوى  الهياج الإعلامي

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

كثيرة هى عبر التاريخ الحالات التى تعرض فيها قطاع يُعتد به من الجمهور لمواقف أدت إلى إلغاء العقل، والاندفاع بشكل غرائزى فى اتجاه معين، وهو ما سماه البعض «الهياج الجماهيرى». 

وكثيرة أيضا هى الأعمال الفنية التى تناولت هذا السلوك الجماهيرى الهائج منذ مسرحية شكسبير المشهورة «يوليوس قيصر». وهى تجسَّد كيفية إخراج الإنسان من طبيعته المفترضة ككائن عاقل، وتحوله إلى كينونة تتحرك أو تُحرك بطريقة غوغائية. 

ولكن التطور السريع فى ثورة الاتصالات خلال العقدين الأخيرين أحدث نقلة فى هذا المجال يمكن ملاحظتها حين تتجه معظم وسائل الإعلام فى بلد أو آخر فى اتجاه واحد، سواء نتيجة اختيار حر أو بسبب توجيه يُحرَّكها. وبعد أن كانت التعبئة الاعلامية التى توجد الهياج الجماهيرى محكومة بسقف معين ارتفع تدريجياً منذ عصر الترانزستور، لم يعد هناك سقف لها بعد التطور الهائل الذى حدث فى وسائل الاتصال. 

وكان الاعتقاد شائعاً حتى وقت قريب فى فاعلية هذه التعبئة فى دعم موقف معين أو سياسة محددة أو مرشح يخوض انتخابات هنا أو هناك سواء كانت تعبئة طوعية أو مضمونة. 

ولكن هذا الاعتقاد يتراجع كثيراً الآن بعد ما حدث فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، ثم فى انتخابات تمهيدية داخل حزب الجمهوريين الفرنسى استعدادا لانتخابات رئاسية ساخنة ستجرى فى أبريل ومايو 2017. 

فى أمريكا وقفت أغلبية ساحقة من وسائل الإعلام الأمريكية ضد ترامب. ولكنها لم تنفع منافسته هيلارى كلينتون رغم الانحياز الظاهر لها. وفى فرنسا فشل الإعلام فى إدراك أهمية فرانسوا فيون، وليس فقط فى توقع فوزه، فظل يتجاهله إلى أن فوجئ بصعوده السريع عقب الدورة الأولى للانتخابات التمهيدية التى انسحب ساركوزى بعدها. 

وعندئذ اشتد الاهتمام به، ولكن بطريقة مشابهة لما فعله الإعلام الأمريكى مع ترامب، إذ أشبعه هجوماً وسخرية، وملأ الهواء بكل ما يمكن أن يصرف الناخبين عنه. 

ولكنه فعلها وفاز وأثبت للمرة الثانية خلال شهر واحد أن التبعئة الإعلامية ضد مرشح أو سياسى لا تفيد منافسه فى شيء مهما تكن درجة الهياج فيها. وقد حدث ذلك فى دولتين ديمقراطيتين حيث توجد حدود لانحراف الإعلام عن مهنيته، فما بالنا حين يفتقر الإعلام إلى المهنية أصلاً. 

المصدر : صحيفة الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدوى  الهياج الإعلامي جدوى  الهياج الإعلامي



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia