بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
هل يحدث فعلاً؟ هذا هو السؤال المطروح منذ أن هدد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قبل أيام بتدمير كوريا الشمالية بشكل كامل، رئيس أكبر دولة فى العالم يرى أن تدمير بلد، وبالتالى القضاء على شعبه، هو السبيل لإعادة من يحكمونه إلى الصواب! وليست هذه هى المفارقة الوحيدة، ثمة مفارقة ثانية فى إعلان الاستعداد لتدمير بلد من على منبر الأمم المتحدة التى يفترض أنها تعمل من أجل السلام0 كلام ترامب خطير, ويؤكد ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة قبله بدقائق، وهو أن احتمال شن هجوم نووى صار فى أعلى مستوى منذ الحرب الباردة، ولا يرتبط هذا الخطر بمدى جدية ترامب فى تهديده، بل بطريقة التفكير التى أدت إليه.
ترامب يخشى أن تصبح برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية تهديداً لأمريكا، وهو لا يُلام على ذلك إذا كانت هناك معايير محددة وواضحة ومتفق عليها بين المؤسسات الأمريكية بشأن ما يعنيه هذا التهديد، وكيفية معرفته بدقة، من أجل تجنب أى خطأ بشرى أو تقنى قد يأخذ العالم إلى كارثة مهولة0 فالمعايير الدقيقة والواضحة بالغة الأهمية لكى لا يتوقف تقدير مدى التهديد على إدراك شخص ما قد يبدو له أن هناك ما يتطلب رداً فورياً حاسماً. وليس هناك ما يضمن أن يكون هذا الشخص قادراً على تقدير الموقف بشكل صحيح وبسرعة قياسية كما فعل الضابط السوفيتى ستانيسلاف بيتروف عندما أدرك وجود خطأ تقنى وراء الإنذار الذى تلقاه عبر قمر اصطناعى بأن الولايات المتحدة تشن هجوماً صاروخياً على بلاده فى لحظة توتر شديد أعقب إسقاط طائرة تابعة للخطوط الجوية الكورية بصاروخ سوفيتى فى أول سبتمبر 1983. كان بيتروف فى مقر عمله فى مركز قيادة تابع لمنظومة أوكا للإنذار المبكر حين تلقى إشارة تحذير بإطلاق صاروخ أمريكي، وتبعتها أربع إشارات متتالية، ولكن تفكيره المنَّظم هداه إلى أن الإنذار كاذب لأن أمريكا لن ترشق بلاده بخمسة صواريخ فقط إذا قررت شن هجوم عليها، بل ستمطرها بمئات وربما آلاف منها، وتبين بالفعل أن نظام الإنذار أصابه خلل فأرسل إشارات كاذبة. فهل يتوقف مصير بلد فى هذا العصر على قد يحسن أو يسئ التقدير؟.