فى شهر واحد

فى شهر واحد

فى شهر واحد

 تونس اليوم -

فى شهر واحد

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

قليل جداً من يعرفون أن المجتمع يمكن أن يتغير، وأن يكون هذا التغير عميقاً شاملاً، خلال أيام لا يزيد مجموعها على شهر واحد. فقط من يقرأون التاريخ قراءة فاحصة مُدَّققة بعين تحليلية ناقدة يعرفون ذلك، ولا يستغربونه لأنه يحدث عندما تدب الروح فى المجتمع من أسفله إلى أعلاه.

فقد مضى زمن كان ممكناً فيه لفرد أن يبث روحاً فى المجتمع. ولو أن الفيلسوف الألمانى الكبير هيجل عاش بيننا هذه الأيام لما كتب عن زعيم مثل نابليون مثلاً أنه روح أوروبا تركض فوق حصان. ولو عاد هيجل إلى الحياة فى عصرنا لعرف أن الروح التى قصدها إنما توجد فى المجتمعات، وليس فى القادة والحكام الذين يستلهمون منها هذه الروح. وهذا يفسر لماذا يخسر من يراهن على فرد فى هذا العصر، مهما تكن أزمة المجتمع وبؤس حاله.

وفى تاريخنا القريب ما يؤكد أن الرهان على حكام لإنقاذ المجتمع لم يفلح، وفيه أيضاً ما يفيد أن الروح يمكن أن تدب فى المجتمع خلال أيام معدودات، كما حدث فى خريف عام 1918 فى نهاية الحرب العالمية الأولى.

فُرض على المجتمع المصرى أن يكون جزءاً من تلك الحرب بسبب وجود قوات الاحتلال البريطانى على أرضنا. وخرج منها، وقد تفاقمت التناقضات الاجتماعية فيه، وتوسع نطاق التفاوت الطبقى. كانت أسعار القطن قد ارتفعت فى نهاية الحرب من سبعة ريالات للقنطار إلى عشرين ريالاً. وكان عشرات الآلاف من الفلاحين والعمال قد عادوا من معسكرات القوات الإنجليزية على فيض الكريم0 وشاع فى ذلك الوقت الحديث عن أغنياء الحرب وأشقيائها.

ولكن هذه الحالة لم تستغرق عدة أسابيع بسبب التغير الجوهرى الذى حدث فى المجتمع بين منتصف أكتوبر ومنتصف نوفمبر 1918, حيث بثت فيه فكرة الاستقلال روحا فى هذا المجتمع الذى بدا وقتها كما لو أنه فى حالة موت, وحركَّه الاقبال على توقيع التوكيل لتفويض وفد يسعى إلى التحرر من الاحتلال.

وهكذا تحول المجتمع تحولا جذريا فى مثل هذا الوقت من عام 1918, وبدا كما لو أنه مجتمع آخر فى شهر واحد أو أكثر قليلا0

المصدر : جريدة الاهرام

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى شهر واحد فى شهر واحد



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia