مجتمع «حافة الكوثر»

مجتمع «حافة الكوثر»

مجتمع «حافة الكوثر»

 تونس اليوم -

مجتمع «حافة الكوثر»

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

هل تُصاب المجتمعات بمرض الاكتئاب الذى يصيب الأفراد؟ قفز السؤال إلى ذهنى منذ أن بدأت فى قراءة رواية الكاتب والشاعر الموهوب على عطا الأولى «حافة الكوثر»، فبقيتُ للحظات استدعى من العلم الاجتماعى ما يعين على إجابة، وأفكر فى العلاقة بين »المجتمع المكتئب« وما نسميه حالة الكآبة العامة التى تخيم على المجتمع فى بعض المراحل. ولكننى عدتُ بسرعة إلى الرواية التى برع كاتبها فى التعبير عن أزمة مجتمع أدخلته الظروف الصعبة فى حالة مرضية. ويتخذ الكاتب من مصحة »الكوثر« النفسية رمزاً لهذه الحالة. 

الرواية مكتوبة بطريقة الراوى التى تتيح للمؤلف فرصة البوح بشجاعة غير معتادة فى الكتابة العربية0 يدخل الراوى هذه المصحة من وقت إلى آخر، ويؤمن بأن الاكتئاب مرض شائع، بدون أن يقول إن المجتمع مصاب به، بل يترك ذلك لمن يريد أن يستخلصه من الرواية. 

ولكنه يسأل، فى سياق رسالة إلكترونية إلى صديقه المغترب (هل يمكن أن يصبح الكوثر وطناً بديلاً لناسه الوافدين إليه رغماً عنهم من كل صوب وحدب). ويجيب: (هو بات كذلك بالفعل. ولا بديل له إلا شوارع لا ترحم ساكنيها). يقول ذلك وهو يفكر فى صديقه المغترب، وهل وجدا أخيراً الوطن البديل له ولأسرته الصغيرة. 

وحين يصبح الوطن طارداً لأبنائه، وتصير الهجرة حلماً لكثير منهم، هل تكون المصحة النفسية وطناً بديلاً لمن لا يجد وطناً اّخر؟ سؤال قد يُثار فى ذهن بعض القراء ضمن أسئلة كثيرة تدفع الرواية القارئ إلى طرحها والتفكير فيها وتأمل أبعاد العلاقة بين الاكتئاب بمعناه الضيق »الفردي«، والاغتراب بمعناه الاجتماعى الواسع، فى مجتمع يمر بأزمة خانفة. 

ويُوظف الكاتب تقنيات التواصل الإلكترونى لإغناء الرواية بعدد كبير من الشخصيات بطريقة غير معتادة فى البنية الكلاسيكية للرواية. وربما أراد تعويض قلة الأحداث بكثرة الشخصيات0 وينجح فى ذلك معتمداً على أسلوب مميز فى السرد يمتزج فيه الماضى بالحاضر على نحو يجد فيه القارئ مصداقاً لقوله، وهو يتذكر أيام الطفولة (الشوارع التى كانت تتسع لترقنا ضاقت بما رحبت به، ولا أظن أنها الآن رحبة لغيرنا). 

أما أهم ما يلفت الانتباه فى «حافة الكوثر» أنها تحمل رؤية لأزمة المجتمع. وقليل هم الكتاَّب الذين قدموا رؤى جديدة فى رواياتهم الأولي. 

المصدر : صحيفة الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجتمع «حافة الكوثر» مجتمع «حافة الكوثر»



GMT 08:45 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

موقعة إنجليزية فى مدريد

GMT 07:24 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

أطفال تُعساء زى الفل!

GMT 08:29 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أبعاد أزمة هواوى

GMT 07:38 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

فضيلة تفهم الدوافع

GMT 07:57 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

ظاهرة «الفاجومى» علميا

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia