هكذا رسَّخنا بلفور

هكذا رسَّخنا بلفور!

هكذا رسَّخنا بلفور!

 تونس اليوم -

هكذا رسَّخنا بلفور

بقلم : د. وحيد عبدالمجيد

الاتجاه العام فى التعليقات التى تلقيتها على اجتهادات الخميس الماضى «حدود مسئولية بلفور» هو الاختلاف على فكرته الأساسية التى تتلخص فى أن مسئولية العرب عن تمكين الصهاينة من فلسطين لا تقل عن مسئولية وزير خارجية بريطانيا الذى أعطاهم عام 1917 وعداً بإقامة كيان قومى لهم. الاعتقاد السائد أن وعد بلفور كان العامل الرئيسى فى إقامة الكيان الصهيوني. وهذا طبيعى نتيجة التأثر بالاتجاه الغالب فى التأريخ لقضية فلسطين على مدى عقود طويلة. ففى كتابتنا للتاريخ، كما فى تعاملنا مع الحاضر ونظرتنا إلى المستقبل، لا نحب الاعتراف بأخطائنا، بل نهرب منها، ونبحث عن شماعات نُعلَّق عليها إخفاقاتنا فى هذا المجال أو ذاك. ولذلك أسقطنا فى كثير من كتاباتنا التاريخية مسئولية العرب عن إهدار فرصة التطور الذى حدث فى موقف بريطانيا عقب انتفاضة 1936 فى فلسطين، عندما دعت حكومة تشمبرلين إلى مؤتمر فى لندن فى بداية 1939 لبحث مقترحات جديدة بشأن استقلال فلسطين، ثم أصدرت تلك المقترحات فى وثيقة عُرفت باسم «الورقة البيضاء» صدرت فى مايو من العام نفسه. لا يعرف كثير منا أن تلك الورقة تضمنت وعداً للفلسطينيين أكثر أهمية من وعد بلفور، بل يلغيه فعلياً وربما صراحة، وهو استقلال فلسطين بعد عشر سنوات، وفق معاهدة معها (بريطانية - فلسطينية) على غرار معاهدة 1936 مع مصر، إلى جانب الحد من الهجرة اليهودية.

فكيف تصرفنا رفض ممثلو الدول العربية فى مؤتمر لندن المقترحات التى كان ممكناً أن تغير مسار التاريخ. كما رفضوا «الورقة البيضاء» عند إعلانها، ومضوا مغمضى الأعين وراء الموقف الارتجالى الذى تبناه الزعيم الفلسطينى الحاج أمين الحسيني.

كان رفض العرب وعد حكومة تشمبرلين هو الذى رسَّخ وعد بلفور. وانتهز الصهاينة الفرصة, وتحركوا بسرعة لإنجاز مشروعهم الاستيطانى لان الموقف العربى فتح الباب أمامهم على مصراعيه, خاصة بعد أن انحاز الحسينى وتياره إلى الألمان فى الحرب العالمية الثانية، وتوجه إلى العراق عام 1941 والتحق بحركة رشيد عالى الكيلانى الموالية للنازية، ووضع الشعب الفلسطينى وقضيته بالتالى فى صف المهزومين فى تلك الحرب.

والحال أن وعد بلفور لم يكن إلا حجراً صغيراً فى المشروع الصهيونى الذى بُنيت أعمدته الأساسية على أخطاء وخطايا ارتكبها العرب منذ عام 1939.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا رسَّخنا بلفور هكذا رسَّخنا بلفور



GMT 13:18 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

مسلسل المشروعات الوهمية لن يتوقف!

GMT 13:16 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حين يرجع العراق

GMT 13:13 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حروب الصحافيين

GMT 05:46 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

GMT 05:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يستطيع الحريري؟!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia