المونديال والفرق الحضارى

المونديال.. والفرق الحضارى

المونديال.. والفرق الحضارى

 تونس اليوم -

المونديال والفرق الحضارى

بقلم -د. وحيد عبدالمجيد

لم يكن أداء المنتخبات العربية قوياً فى أى من دورات المونديال السابقة. ولكن الجدل حول الأداء الهزيل للمنتخبات الأربعة التى ودعت مونديال روسيا مختلف هذه المرة، لأنه يتجاوز اختلالات المنظومة الرياضية إلى مشكلات أخرى تدخل فى إطار ما يمكن أن نسميه فرقاً حضارياً، أى اختلاف مستوى تطور مجتمعاتنا العربية والثقافة السائدة فيها مقارنة بالمجتمعات الغربية بالمعنى الواسع التى تشمل أجزاء من أمريكا الجنوبية ذات الثقافة اللاتينية. ومن أكثر المشكلات التى أُثير جدل حولها مشكلة قيمة الوقت وكيفية تعاملنا معها، إلى جانب عدم الوعى بأن كرة القدم أصبحت علماً بكل معنى الكلمة.

والحال أن الفجوة فى مستوى التطور فى العالم العربى، والغرب، ازدادت بشكل مطرد منذ منتصف القرن الماضى، بعد أن كانت قد بدأت تضيق جزئياً فى بعض مجتمعاتنا، وخاصة المجتمع المصرى، منذ الاتجاه إلى إرسال بعثات علمية إلى أوروبا فى عصر محمد على.

كان رفاعة الطهطاوى أول من أدرك هذه الفجوة عندما ذهب إلى فرنسا إماماً للبعثة العلمية التى أُرسلت عام 1826، ورصد بعض جوانبها فى كتابه «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز». فقد وصف الحياة فى باريس ومظاهر التقدم فيها، وأنماط العلاقات المجتمعية، ولاحظ كيف أن أهلها جادون فى العمل، وشغوفون بالمعرفة، ومحبون للنظافة، ومقبلون على التعليم، وغير ذلك.

لم يكن الطهطاوى يعرف أن هناك مستوى أكثر تطوراً فى أوروبا حينئذ، لأنه لم يذهب إلى لندن، ولم يطلع على ما كتبه المفكر الفرنسى فولتير قبل قرن عندما ذهب إلى انجلترا لاجئاً بعد إطلاق سراحه من سجن الباستيل عام 1726، ووجد فرقاً كبيراً فى مستوى التطور بين البلدين. والمثير للانتباه هنا، أن ما كتبه فولتير عن لندن يقترب كثيراً مما كتبه الطهطاوى عن باريس. ولكن أكثر ما أثار إعجاب فولتير فى الإنجليز كان متعلقاً بمناهجهم فى التفكير، وحريتهم فى الفكر، وقدرتهم على عرض آرائهم.

ويعنى هذا أن الفرق الحضارى درجات، وأن تجاوزه ممكن. ومثلما تمكنت فرنسا من عبور الفجوة التى لاحظها فولتير مع إنجلترا، نستطيع تجاوز الهوة التى تفصلنا عن الغرب إذا استوعبنا الدروس من تجاربنا، وآخرها حتى الآن مونديال روسيا.

المصدر  : جريدة الأهرام المصرية
المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المونديال والفرق الحضارى المونديال والفرق الحضارى



GMT 04:55 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

السباق على استعمار القمر

GMT 04:46 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

نتانياهو متهم والولايات المتحدة تؤيده

GMT 04:40 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

فى حياته.. ومماته!

GMT 13:45 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الإعلام والدولة.. الصحافة الورقية تعاني فهل مِن منقذ؟!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل

GMT 10:23 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أفكار بسيطة لإضافة لمسة بوهيمية جذابة إلى منزلك

GMT 13:38 2013 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

أسوأ إطلالات المشاهير لعام 2013
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia