لماذا نتسامح

لماذا نتسامح؟

لماذا نتسامح؟

 تونس اليوم -

لماذا نتسامح

بقلم ـ د. وحيد عبدالمجيد

أكثر ما يلفت الانتباه في التعليقات علي الاجتهاد المنشور في 15 أغسطس الحالي تحت عنوان «خفض التشنج» أن هناك شكوكاً عميقة في إمكان محاصرة دوائر التعصب والتطرف والكراهية التي أشرتُ في ذلك الاجتهاد إلي خطرها علي النسيج المجتمعي. 

ومفهومة دوافع هذه الشكوك في ظل حالة حرب الكل ضد الكل في كثير من المجتمعات العربية، وربما فيها كلها بدرجات متفاوتة. ولذا يبدو لكثيرين أننا إزاء حالة قد تكون مستعصية. 

ولكن هذه الحالة ليست الأولي من نوعها في العالم. التاريخ الحديث يزخر بحالات من هذا النوع رغم أن حداثته ارتبطت بتحولات من أهمها ترسيخ قيم قبول الآخر، وحل الخلافات عن طريق الحوار والتفاهم. 

غير أن هذه التحولات تطلبت نضالا وجهدا متواصلين علي مستويات عدة، خاصة علي المستوي الفكري والثقافي منذ أن تبني عدد من المثقفين الأوروبيين مبدأ التسامح في القرن السابع عشر. ومن جون لوك في القرن السابع إلي كارل بوبر في القرن العشرين، اكتمل مبدأ التسامح من الناحية المعرفية0 فإذا لم يكن هناك إنسان معصوم من الخطأ، يصبح التسامح لازماً لكي يحميه من الوقوع في أسر أخطر شعور غريزى يصيبه وهو الاعتقاد في أنه علي صواب دائماً، وأن غيره هو المخطئ طوال الوقت. فهذا الشعور هو المصدر الأول للتعصب والتطرف والكراهية، وصولاً إلي العنف ضد الآخر الذي لابد أن نراه مخطئاً حين نفتقر إلي التسامح الذي يدفع إلي فهم هذا الآخر. 

واختزل بوبر معني التسامح علي هذا النحو في ثلاثة عناصر هي أنني قد أكون مخطئاً، وقد تكون أنت علي صواب، وأننا حين نتحاور بالعقل قد نصل إلي تصحيح أخطائنا معاً, وأن هذا الحوار يساعدنا علي الاقتراب ـ معاً أيضا ـ من الحقيقة التي لا يملكها أحد. 

غير أن مبدأ التسامح الذي استغرق تبلوره ثلاثة قرون يهتز الآن في العالم، وليس في منطقتنا فقط. وما تصاعد النزعة العنصرية، سافرة أو مستترة، إلا أحد أهم مظاهر هذا الاهتزاز الذي تتطلب مواجهته تحديد ما لا يجوز التسامح فيه بدقة، وهو محصور في ممارسة العنف والتحريض عليه، والحض علي التمييز بين الناس. 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نتسامح لماذا نتسامح



GMT 09:34 2021 الجمعة ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الخديو المبذر

GMT 16:26 2021 السبت ,25 أيلول / سبتمبر

الجميلة و «الحمارة الكبرى»

GMT 13:04 2021 الجمعة ,10 أيلول / سبتمبر

ثلاث مصريات من لبنان: البحر من ورائها

GMT 14:39 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

تَغيير الحَمَل... كل يوم

GMT 14:28 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia