قومية لكنها فارسية

قومية لكنها فارسية!

قومية لكنها فارسية!

 تونس اليوم -

قومية لكنها فارسية

د. وحيد عبدالمجيد

يتخلى بعض القوميين العرب، وربما كثير منهم، عن عروبتهم حين توضع فى اختيار بينها وبين أحد الحكام الذين تاجروا بالقومية العربية، ودمروا بلادهم، وجرَّفوا مجتمعاتهم وسلموا أوطانهم للغزاة أو المحتلين أو هُزموا أمامهم بعد أن قدموا لهم كل الذرائع التى يحتاجونها للغزو، وأكثر منها.

لم تعد القومية العربية بعد رحيل جمال عبد الناصر سوى شعار فارغ يؤمن به البعض إيماناً حقيقياً دون أن يعرف له معنى فى واقع صار مناقضاً له, ويمتطيه آخرون للحصول على مكاسب، ويبيعونه مع أنفسهم لحاكم يدفع نقداً أو بواسطة «الشيكات» أو من خلال «الكوبونات النفطية».

ولذلك فليس غريباً أن يدافع بعض من يمتطون شعار القومية العربية اليوم عن تكريس احتلال إيران لمساحة من أرض سوريا العربية، وتحرك روسيا لدعم هذا الاحتلال والمشاركة فيه والحصول على ما تراه «نصيبها» من الغنيمة. يعرف كل متابع للوضع فى سوريا أن قائد فيلق ما يسمى «القدس» فى الحرس الثورى الإيرانى قاسم سليمان هو الحاكم الفعلى للمناطق التى يُراد إبقاء بشار الأسد فيها لأنه يؤدى فعلياً دور حاكم صورى لإقليم يتبع «الإمبراطورية الإيرانية» التى يتحدث بعض المسئولين فى طهران عنها جهاراً نهاراً.

وبعكس الموقف الطبيعى جدا الذى يفترض أن يتخذه أى عربى يؤمن بعروبته، ناهيك عن أن يكون «قومياً عربياً» مؤدلجاً أو مسيساً، نجد الآن «قوميين عرباً» يهللون للاحتلالين الإيرانى والروسى ويرونهما «نصراً مبيناً» و «مجداً» من أمجاد الأمة.

والحال أن هؤلاء قوميون فعلاً، ولكنهم ليسوا قوميين عرباً. فالقوميات كثيرة. وأكثرها صعوداً فى منطقتنا الآن القومية الفارسية. ولذلك يبدو بعض من يمتطون شعار القومية العربية اليوم قوميين بالفعل، ولكن قوميتهم ليست عربية بل فارسية. فقد بلغ انغلاق عقولهم مبلغاً يدفعهم فى هذا الاتجاه، بسبب ارتباطهم الوثيق بأنظمة جعلت العرب مساكين هذا الزمان.

ولذلك صار الأسد هو «بطلهم» الذى على شاكلتهم، الأمر الذى يحول دون أن يفكروا فى أى بديل عنه من داخل نظامه حتى لو كان نائبه المختفى منذ نحو عامين فاروق الشرع إذا لم يكن قد لحق بآخرين أرسلهم بشار إلى العالم الآخر لأنهم رفضوا إذلال الإيرانيين لهم وللجيش العربى السورى الذى يُهان كبار ضباطه على أيدى المحتلين المسيطرين على «دويلة الأسد الإيرانية».

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قومية لكنها فارسية قومية لكنها فارسية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia