على مشارف الفاشية

على مشارف الفاشية

على مشارف الفاشية

 تونس اليوم -

على مشارف الفاشية

د. وحيد عبدالمجيد

ينبغى أن تنتبه الأحزاب والحركات والتحالفات التى تسمى نفسها مدنية إلى خطر يهدد بعضها على الأقل، إن لم يكن الكثير منها، فى ظل التباس أوضاعها واختلال توازنها وتهميشها بعد أن قام عدد كبير منها بالدور الرئيسى فى تفجير ثورة 30 يونيو من خلال تحالفها فى جبهة الإنقاذ الوطنى.

فأحد أخطر ما يهدد هذه الأحزاب والتحالفات هو اعتقادها فى أن مشكلتها الوحيدة تكمن فى تشويهها وازدياد الحملات الإعلامية ضدها، ودفعها إلى الهامش فى ظل تجفيف الحياة السياسية مجدداً، وهذه مشكلة حقيقية وكبيرة بالفعل، خاصة قبل انتخابات برلمانية تُجرى بنظام انتخابى يُضعف فرص الأحزاب فى الحصول على المساحة التى تتطلع إليها فى مجلس النواب القادم.

وهذا كله مفهوم ومقدَّر، ولكنه ليس الخطر الأكبر الذى يهدد الأحزاب التى يفترض أنها تستمد شرعيتها من طابعها المدنى وإيمانها بالديمقراطية، لأن هناك خطراً أكبر منه وهو أن تفقد هذا الطابع.

وليت الأحزاب المقصودة تتأمل مواقفها المرتبكة ومواقعها الملتبسة فى الوضع السياسى الراهن، خاصة فى ظل استعدادها المتزايد للتنازل عن مطالبها الديمقراطية تحت ضغط الحرب ضد الإرهاب، وقبول بعضها وربما الكثير منها بشكل ضمنى شعار ليس مرفوعاً بنصه بل بمضمونه، وهو «لا صوت يعلو فوق صوت هذه الحرب».

ويبدو أن قادة هذه الأحزاب لا يملكون, فى ظل إيقاع الأحداث واللهاث وراءها، تأمل حالتها وقد صارت تميل إلى تعريف نفسها بالسلب أو بما لا تريده (الإخوان والفلول) أكثر مما تقدم تصوراً لوقف التوسع فى تجفيف مياه السياسة التى لا تستطيع الحياة خارجها إلا كأشكال «ديكورية».

غير أن أخطر ما يترتب على تعريف الذات بالمخالفة للآخر، وليس بما تقدمه، هو أنه يهدد بتحولات فاشية تناقض الأساس الذى تقوم عليه الأحزاب التى استمدت شرعيتها من مطالبتها بالديمقراطية، فقد نهلت الفاشية فى مرحلة صعودها فى أوروبا فى أوائل ثلاثينات القرن الماضى من حالة انعدام الوزن التى عانى منها عدد متزايد من الديمقراطيين سواء الليبراليين أواليساريين. وكان التعبير الأكثر وضوحاً عن هذه الحالة، وهو «لا يمين ولا يسار»، يشبه إلى حد كبير «لا إخوان ولا فلول» ليس فقط فى طابعه ولكن أيضاً فى دلالته على الحالة السياسية التى كان فيها أوروبيون ديمقراطيون تحولوا إلى الفاشية فى الثلاثينات.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

على مشارف الفاشية على مشارف الفاشية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia