تحرش  واغتصاب

تحرش .. واغتصاب

تحرش .. واغتصاب

 تونس اليوم -

تحرش  واغتصاب

د. وحيد عبدالمجيد

مازال اهتمامنا بجريمة التحرش الجنسى بالمرأة محدوداً يظهر فى بعض المناسبات مثل عيد الفطر الذى يحل غدا، أو مرتبطاً بحادثة مدوية أو أخرى. كما يقتصر هذا الاهتمام على أوساط الطبقة الوسطى والفئات العليا.

وتبدو الطبقية ظاهرة على هذا النحو حتى فى التعامل مع جريمة يزداد انتشارها فى الأوساط الاجتماعية التى لا ينصب اهتمامنا عليها لأنها تقع فى قاع المجتمع، وفى مناطق لا يحب كثير منا أن يتذكروا ما هى فيه من تهميش وبؤس وفاقة.

ولذلك لا تحظى جرائم اغتصاب بعضها شديد البشاعة بأى اهتمام لأنها تحدث فى هذه المناطق وتلك الأوساط، رغم أننا نعرف جيداً التوسع المخيف فى هذا المجال وصولاً إلى ذروته الأكثر إيلاماً فى «زنا المحارم». فالاهتمام بجريمة تحرش لفظى بفتاة أو سيدة من الطبقة الوسطى أو العليا أكثر من مجرد الإلتفات إلى جرائم الاغتصاب الرهيبة التى بدأ أبشعها ينتشر فى أدنى شرائح السلم الاجتماعى، وخاصة فى الأوساط الأكثر تعرضاً إلى التهميش والأشد فقراً، فكم من أسر كاملة ضمن هذه الشرائح تعيش فى غرفة واحدة صغيرة ينام فيها الأب بجوار بناته، والأخ بجانب أخواته، حيث تجتمع صعوبات الحياة وآلامها وضغوطها والحاجات الجنسية التى لا تجد سبيلاً مشروعاً لإشباعها، وتؤدى إلى «زنا المحارم». وفى بعض الأحيان يتعود أب على ممارسة الجنس مع بنت أو أكثر من بناته، ويقيم أخ تستبد به شهوة الجنس علاقة لفترة من الزمن مع أخته التى قد تجد فى هذه العلاقة حلاً لمشكلتها هى الأخرى فى ظل انسداد أفق الزواج أمامها. وأخطر ما فى هذه الظاهرة أننا لا نعرف المدى الذى بلغته، رغم الشواهد التى تدل على انتشارها، لا لشىء إلا لأن من ينبغى أن يتابعوها ينتمون إلى شرائح اجتماعية منفصلة عن قاع المجتمع، ويرون أن تحرشاً سطحياً بفتاة من الطبقة الوسطى والعليا أخطر من اغتصاب وزنا محارم فى أوساط الفئات المهمشة.

ولا يعنى هذا التقليل أبداً من خطر جريمة التحرش حتى إذا كان لفظياً، ليس فقط لأنها تمثل انحطاطاً أخلاقياً واعتداء دنيئاً، ولكن أيضاً لأنها تستهين بالمرأة كأنثى وبوجودها الذاتى فى مجتمع ذكورى، ولكن مواجهتها لا تتحقق بهذا المنهج الطبقى الذى يُميَّز حتى فى مجال التحرش بين الفقيرات المسكينات وغيرهن، بل ربما لا يرى بعضنا فى التحرش بخادمة منزل أو عاملة تنظيف فى أحد المبانى جريمة بالطريقة التى ينظر بها إلى مثل هذا الفعل عندما تتعرض له فتيات تؤدين أعمالاً أخرى أو تنتمين إلى شرائح اجتماعية مغايرة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحرش  واغتصاب تحرش  واغتصاب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia