النشيد الأوروبى

النشيد الأوروبى

النشيد الأوروبى

 تونس اليوم -

النشيد الأوروبى

د. وحيد عبدالمجيد

لم أكن أعرف أن قصيدة الأديب الألمانى الكبير فريدريش شيلر التى وضعها عام 1875 تحت عنوان «نحو السعادة» هى النشيد الرسمى للاتحاد الأوروبى. استغربت فى البداية أن يختار أصحاب التجربة الأكثر نجاحاً فى مجال التكامل الاقتصادى والتنسيق السياسى فى عالم اليوم، رغم كل العثرات التى تواجهها، قصيدة إنسانية لا أثر فيها لاقتصاد ولا لسياسة.

ولكنى عندما تأملتُ الأمر، وجدت أنه لم يكن بعيداً عن فكرة الاتحاد الأوروبى بغض النظر عما حققته فعليا. وتذكرتُ أن بعض مراكز استطلاع الرأى العام المهمة فى أوروبا كانت تنَّظم استطلاعات دورية حول «حالة السعادة» فى دول هذا الاتحاد، وتقدم نتائجها إلى الجهات المعنية فيه. وليس هناك ما يدل على أن السياسات «النيوليبرالية» التى يفرضها المهيمنون على الاتحاد الأوروبى يمكن أن تحقق «سعادة» إلا للفئات الاجتماعية الأعلى والأكثر ثراء وشرائح من الطبقة الوسطى. أما الأغلبية فى معظم شعوب الدول المنتمية إلى الاتحاد الأوروبى فهى تعانى تعاسة وشقاء لا علاقة لهما بقصيدة شيلر الرائعة وفى تناقض تام مع مضمونها. ومن المفارقات فى هذا المجال أن الحكومة الألمانية الراهنة هى التى تقود الاتجاه الذى يفرض السياسات المسببة للتعاسة، التى تناقض هذا النشيد المأخوذ من أروع قصائد أديب ألمانى عظيم يعتبر أحد أبرز مؤسسي الحركة الكلاسيكية فى الأدب الأوروبى. كتب شيلر تلك القصيدة عام 1875 لتمجيد الرغبة الإنسانية المستمرة فى تحقيق السعادة رغم الآلام التى تُكبل روح الإنسان، والصعوبات التى تملأ حياته، وكانت هذه القصيدة من روائع الشعر الألمانى. ولكن أهميتها ازدادت وشهرتها جابت الآفاق عندما لحنها الموسيقار العظيم بيتهوفن عام 1823، وجعلها خاتمة لسيمفونيته التاسعة.

وعندما اختارها الاتحاد الأوروبى عام 1985 لتكون نشيداً رسمياً له، كانت هناك آمال عريضة فى أن يتمكن هذا الاتحاد الذى توفرت له من سبل النجاح الكثير من تحقيق الازدهار فى مختلف بلاده. ولذلك يبدو أن اختيار قصيدة من هذا النوع كان منطقياً فى حينه، قبل أن تتباعد المسافات بين السياسات الاقتصادية التى انحاز إليها ويصفها ناقدوها بأنها «متوحشة ولا إنسانية»، والمضمون الإنسانى الراقى لهذه القصيدة التى أحيا العالم المتحضر الذكرى العاشرة بعد المائتين لرحيل صاحبها قبل أسابيع.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النشيد الأوروبى النشيد الأوروبى



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia