الناجون من الاستقطاب

الناجون من الاستقطاب

الناجون من الاستقطاب

 تونس اليوم -

الناجون من الاستقطاب

د.وحيد عبد المجيد

مراحل الاستقطاب هى الأكثر خطراً فى حياة أى مجتمع. فالاستقطاب معنى ومبنى هو تلك الحالة البائسة التى تشطر المجتمع شطرين بغض النظر عن حجم كل منهما، وتزداد فى ظلها الكراهية بينهما. وفى المجتمع المستقطب، تطغى الاتهامات والشتائم والبذاءات المتبادلة على لغة الناس وتفاعلاتهم، وخاصة حين يساهم قطاع يُعتد به من الإعلام فى نشرها.

وفى هذا المجتمع، يتوارى العقل جانباً، وتصبح الموضوعية منبوذة، ويصعب على من يدركون خطر الاستقطاب أن ينبّهوا إلى الأخطار الداهمة دون أن يثيروا غضب طرف أو نقمة آخر من الطرفين اللذين لا يكفان عن محاربة بعضهما.

وكثيراً ما يتعرض من يمسكون بجمر العقل والموضوعية، ويتمسكون بالسعى إلى وضع حد لتصدع المجتمع، إلى اتهامات وشتائم من جانب كل من الطرفين اللذين يشن كل منهما حرباً "مقدسة" ضد الآخر باسم الدين أو الوطن.

ومن الصعب أن نعرف بدقة المدى الذى بلغه الاستقطاب، وعمق الأثر الذى أحدثه فى المجتمع، ولا بالتالى حجم الخسائر المترتبة عليه حتى الآن. ولذلك يختلف من اختاروا طريق مواجهة هذا الاستقطاب فيما بينهم بشأن هذا الأثر وذلك المدى. فالمتشائمون بينهم يرون الصورة قاتمة للغاية، ويظنون أن الاستقطاب خرَّب بالفعل الكثير من قيم المجتمع وأخلاقه وأضعف قدرته على أن يجمع أبناءه. ويذهب بعض المتشائمين إلى أن المجتمع يتحول الآن اثنين تفصل بينهما مسافات بعيدة وربما أسوار عالية.

غير أن الصورة ليست كذلك فى الواقع رغم أن حدة الفرز تضفى عليها ظلالاً قاتمة. فالصورة ليست مجرد ظلال. ولكن هذه الظلال قد تطغى عليها حين تكون شديدة الحدة، فتحجب عناصر أساسية فيها.

ومن هذه العناصر، مثلاً، أن قطاعاً غير محدود من الشباب غير المسيَّس ينتابه قلق من أجواء الاستقطاب والاتهامات المتبادلة واللغة الخشبية العنيفة السائدة فى التراشق المستمر بين من يبدون كما لو أن لا أحد غيرهم فى المجتمع.

ولذلك تفرض الوطنية الحقيقية والإيمان الحق بالدين إسلاماً كان أو مسيحية العمل من أجل وضع حد للخطر. وعلى العقلاء فى أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع الإسراع بذلك بدءاً بمحاصرة ظواهر يمكن أن تؤجج هذا الخطر، ومنها تشجيع طلاب وموظفين على الإبلاغ عن زملائهم، لأن انتشار ظاهرة "المواطن المخبر" قد تجعل تجنب الخطر أكثر صعوبة فى المستقبل.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الناجون من الاستقطاب الناجون من الاستقطاب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia