التماثيل أم البشر

التماثيل أم البشر

التماثيل أم البشر

 تونس اليوم -

التماثيل أم البشر

التماثيل أم البشر
د. وحيد عبدالمجيد

ما أشده الاهتمام الذى يبديه عدد متزايد من المؤسسات الدولية وغيرها بحماية آثار مدينة تدمر السورية منذ أن اقترب تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ «داعش» منها. لا نجد شيئاً من هذا القلق عندما يُقتل السوريون يومياً إلى أن تجاوز عدد ضحاياهم الذين غادروا عالمنا ثلاثمائة «ألف»، فضلاً عن تشريد الملايين.

وحتى عندما استخدم نظام بشار الأسد الغازات السامة، التى مازال «يُبدع» فى إيجاد بدائل لما صودر منها، لم نجد مثل هذا الاهتمام. أما الغارات بالطائرات المقاتلة القاذفة، على نحو لم تلجأ إليه قوة احتلال على مر التاريخ الاستعماري، وإلقاء البراميل المتفجرة على بشر يُقال إن حقهم فى الحياة هو «أبوالحقوق» التى يقوم عليها النظام العالمي، فهذه تفاصيل صارت مملة وربما سخيفة بالنسبة إلى من يُفزعهم احتمال تحطيم تماثيل أثرية موجودة فى تدمر. ويريد المهيمنون على الغرب الآن أن نصدق أنهم أهل الحضارة فى زمننا الراهن. غير أن حضارتهم التى كان لتراثنا أثر لا يُنكر فى تقدمها، فقدت على أيديهم الدور التقدمى الذى اضطلعت به منذ القرن السادس عشر. ولذلك لا يؤخذ على محمل الجد اهتمامهم بآثار تدمر وصرخاتهم لإنقاذها، فى الوقت الذى لا يكتفون باللامبالاة تجاه قتل مئات آلاف السوريين، بل يتواطأ بعضهم اليوم مع أشد النظم قمعا وإرهابا فى العصر الحديث بعد نظام بول بوت فى كمبوديا. وفى الوقت الذى كانت مديرة اليونسكو الدولية إرينا بوبكوفا تذرف الدموع على آثار تدمر، تعجب مارك كيرستين الخبير المرموق فى القانون الدولى من موقف النظام الدولى تجاه الجرائم فى سوريا ولفت انتباهنا إلى أن (هذه هى المرة الأولى منذ إنشاء المحكمة الجنائية الدولية التى تجرى فيها تحقيقات وتتوافر فيها أدلة على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، دون أن يؤدى ذلك إلى أى تحرك سعيا إلى تحقيق العدالة الدولية). وهو لا يتحدث هنا، عن تحقيق هذه العدالة بل عن السعى الغائب إلى ذلك، فى الوقت الذى تزداد الأدلة التى يجمعها محققون دوليون غير رسميين. غير أن المحكمة الجنائية الدولية مكتفة لأن ميثاقها يجعل تصديها لأى من هذه الدعاوى مرهوناً بقرار من مجلس الأمن إذا لم يكن البلد المعنى عضوا فيها.

وهذا ميثاق ظالم لا يوجد إلا فى عالم منافق تعنيه التماثيل أكثر من أرواح البشر.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التماثيل أم البشر التماثيل أم البشر



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia