بقلم : صلاح منتصر
37 ـ فى أكثر من مرة عندما كان يتكلم عن معركة تأميم قناة السويس كرر الأستاذ محمد حسنين هيكل أن الرئيس جمال عبد الناصر وهو يفكر فى حسابات تلك المعركة أمسك مسطرة، قسم بها صفحة ورقة وكتب أعلى الصفحة : تقدير موقف . وعلى الناحية اليمنى كتب الأسئلة التى يمكن أن تثار، وفى الناحية اليسرى كتب إجابة هذه الأسئلة . ولتوقفه أمام سؤال لم يعرف رده أرسل مندوبا إلى قبرص ـ وكانت علاقتها حميمة بمصر ـ وعاد المندوب برد مطمئن عن القوات البريطانية الموجودة فى الجزيرة واحتمالات تحريكها ، فى الوقت الذى كان عبد الناصر يستعد لإلقاء خطاب إعلان تأميم القناة يوم 26 يوليو 56.
لم نسمع بالنسبة لحشد القوات المصرية يوم 16 مايو 67 والأحداث التى تلتها ، أن عبد الناصر جلس لدقائق وفعل ما فعله قبل 11 سنة وكتب «تقدير موقف» للأزمة التى يواجهها، والتفسير المنطقى أنه فى 56 لم تكن عقدة سوريا قد ظهرت، كان التفكير كما أصبح فى 67 محكوما بجراح الوحدة والإنفصال.
وقد يلاحظ من يتابع شهادتى عن ثورة يوليو أننى أطلت فى الحديث عن الوحدة مع سوريا والإنفصال لإيمانى بأن هذه العلاقة مع سوريا تركت آثارها على الكثير من الأحداث التى عاشتها مصر، فعقدة سوريا هى التى كانت وراء حرب اليمن، ولهفتنا على استرضاء شعب سوريا هى التى كانت وراء قرار حشد قواتنا فى سيناء فى حرب لم نكن مستعدين لها ، وإسترضاء سوريا والتخفيف عنها فى حرب 73 هى التى دفعت القيادة السياسية إلى تحريك القوات يوم 14 أكتوبر خارج مظلة الصواريخ مما أدى إلى خسارتنا فى هذا اليوم ضعف كل الدبابات التى خسرناها فى الأيام العشرة السابقة وحدوث الثغرة .
ولولا رفض السادات الاستجابة لضغوط سوريا لمنعه من حرب السلام التى قادها، لكنا اليوم نتسول إستعادة بعض أراضينا، وحتى فكرة التوريث بدأت فى سوريا عندما مات الرئيس حافظ وابنه سنه 34 سنة وعدة شهور تم تعديل الدستور فى نصف ساعة وتخفيض سن الرئيس المرشح من 40 إلى 34 سنة .! الحلقة الأخيرة غدا.