د.أسامة الغزالي حرب
طوال ما يقرب من خمس ساعات مساء الخميس الماضى (27/4) استمتعت كثيرا بالحلقة الممتازة من برنامج «كلام تاني» للمذيعة المتميزة رشا نبيل، والذى عالجت فيه باستفاضة الأزمة التى نشبت بين البرلمان وبين قضاة مصر حول مشروع قانون السلطة القضائية ، التى استضافت فيها المستشار محمد عبد المحسن رئيس نادى قضاة مصر والاستاذ أحمد حلمى الشريف النائب بالبرلمان ووكيل لجنة الشئون التشريعية والدستورية ، واستمعت فى خلاله إلى آراء أغلب رؤساء الهيئات القضائية وكذلك لأعضاء آخرين من مجلس النواب سواء من الذين كانوا مع القانون المقترح أو ضده. ولم يكن من الصعب على المشاهد أن يلحظ فى ثنايا الحوار مولد أزمة خطيرة بين السلطة القضائية من ناحية، ومجلس النواب من ناحية أخري، أتوقع أن تخيم بظلالها على الحياة السياسية فى مصر فى الفترة المقبلة. وإنه لأمر يثير تساؤلا مشروعا أن يصر البرلمان المصري على مشروع قانون للهيئات القضائية رفضته تلك الهيئات نفسها، ويضع بذلك ليس البرلمان فقط وإنما أيضا رئيس الجمهورية الذى يفترض أن يصدق على المشروع فى موقف حرج. وقد وصلت بالفعل أنباء مصادقة الرئيس فى أثناء الحوار! إن أحد أهم مبادئ النظم الديمقراطية – التى نتطلع لأن نكون من بينها- هو الفصل بين السلطات، الموجود بالفعل فى الدستور الحالي...فكيف تقدم بعض قيادات البرلمان على انتهاك هذا المبدأ؟ إن القضاء المصرى ليس أى جهة ولكنه سلطة تقف على قدم المساواة مع السلطة التشريعية (مجلس النواب) ومع السلطة التنفيذية. أى أن هذا القانون لا ينظم وضع هيئة عامة عادية ولكنه بنظم وضع سلطة أساسية مناظرة للبرلمان، ومكانتها حفظها الدستور.وربما يزيد من الشعور بالأسف ليس فقط محاولة قوى فى البرلمان التعدى على السلطة القضائية ، وإنما هو ماينطوى عليه ذلك أيضا من مؤشرات على عوار يلحق باستقلالية السلطة التشريعية إزاء السلطة التنفيذية!.