ماذا بعد اعتراف السعودية

ماذا بعد اعتراف السعودية؟

ماذا بعد اعتراف السعودية؟

 تونس اليوم -

ماذا بعد اعتراف السعودية

مكرم محمد أحمد
بقلم : مكرم محمد أحمد

حسناً أن غادرت الدولة السعودية دائرة الإنكار التام لتعلن فى بيان رسمى أن الصحفى السعودى جمال خاشقجى قُتل داخل القنصلية السعودية فى إسطنبول، خلال مشادة تطورت إلى عراك وقتال بينه وبين مجموعة من المواطنين السعوديين داخل القنصلية، بما يؤكد رغبة السعودية فى كشف غموض الحادث وتقديم المتورطين إلى العدالة، وبصرف النظر عن الخلافات بين الرواية السعودية وبين ما سربه المسئولون الأتراك عن قصة قتل خاشقجى فإن اعتراف السعودية الأخير بأن التحقيقات التى يجريها المدعى العام السعودى أثبتت مسئولية 18 شخصاً سعودياً، بينهم الجنرال مسعود القحطاني مستشار ولى العهد محمد بن سلمان، ونائب مدير المخابرات السعودية الجنرال أحمد العسيرى الذى شارك سابقاً فى حملة اليمن تؤكد شفافية التحقيق، وقد كان الاثنان ضمن فريق عمل وصل جواً إلى إسطنبول على متن طائرتين يوم 2 أكتوبر الماضى، وأمضوا داخل القنصلية السعودية يوماً كاملاً، وهو نفس اليوم الذى دخل فيه جمال خاشقجى قنصلية بلاده فى إسطنبول لإنجاز معاملة تتعلق بزواجه، وأن فريق العمل غادر إسطنبول إلى الرياض فى اليوم التالى، فضلاً عن تأكيدات الحكومة السعودية بأنها طردت من الخدمة خمسة من كبار المسئولين الذين يجرى التحقيق معهم، كما أمر الملك سلمان بتشكيل لجنة عليا تراجع شأن المخابرات السعودية فى غضون شهر، وبين المبعدين الجنرال محمد بن صالح الرميثى مساعد مدير المخابرات والجنرال عبدالله بن خليفة مدير القوى البشرية بالمخابرات والجنرال راشد بن حميد مدير الأمن والحماية بالمخابرات بما يؤكد جدية التحقيقات.

وبالرغم من أن المسئولين الأتراك سربوا خبراً يؤكد أن لديهم أدلة بصرية فيديو وأدلة سمعية أوديو تؤكد قتل خاشقجى داخل القنصلية وتقطيع جثمانه، فإن وزير الخارجية التركى نفى أن تكون تركيا سلمت هذه الأدلة إلى وزير الخارجية الأمريكى فى زيارته الأخيرة إلى أنقرة أو إلى أى مسئول أجنبي آخر، مؤكداً أن هذه الوثائق لا تزال فى حوزة الأتراك، وسوف يتقاسمونها لاحقاً مع كل العالم! بما يؤكد أن كثيراً من هذه المعلومات المبتسرة يتم ترويجها لأهداف واضحة، تخلص فى محاولة ابتزاز الموقف السعودى، لكن ثمة أسئلة عديدة يتعلق بعضها بموقف ولى العهد السعودى لا تزال بغير إجابات شافية، بما يجعل القفز إلى نتائج مؤكدة الآن أمراً صعباً، لكن ما من شك أن تعاون الدولة السعودية للكشف عن أبعاد الحادث يكشف عن موقف مسئول يرعى مصالح الدولة السعودية بصرف النظر عن الأشخاص، وقد يكون من الصعوبة بمكان التنبؤ بتطورات قضية خاشقجى وانعكاساتها المحتملة على الدولة السعودية وعلى ولى العهد والعالم العربى على وجه العموم، لكن من المهم ولمصلحة السعودية كدولة ولمصلحة العالم العربى أن تجرى مراجعة شاملة لموقف الحكومات العربية من قضية حرية التعبير التى أصبحت واحدة من حقوق الإنسان يصعب تجاهلها وتتطلب فى الوقت نفسه مراجعة شاملة من جانب الحكومات العربية تحافظ على ضماناتها الأساسية التى تكفل حرية الرأى وحق الاختلاف فى إطار سلمى متى كان واضحاً أنها لن تكون فى خدمة التطرف والعنصرية، تلتزم الحقيقة وصدق الوقائع ولا توظف نفسها فى خدمة العنف أو التطرف، لأن كفالة حرية التعبير فى إطار هذه المبادئ يغنى عن كثير من حالات النفى أو الهجرة الاختيارية إلى الخارج التي كثيراً ما يستثمر فيها الخارج غضب البعض ليجعلهم أكثر شططاً يراعون مصالح أطراف خارجية يهمها تشويه صورة الوطن، وفضلا عن ذلك فإن التسامح مع الرأى الآخر كثيراً ما يكسر عناد الغضب الذى يتصاعد إلى حد التفكير فى تبني العنف أو حمل السلاح، وبالطبع فإن ذلك قد لا يصدق على المجموعات العقائدية مثل جماعات الإخوان التى تحرص على الاستكبار كى تعزز التطرف بدعوى الحفاظ على التنظيم الذى يشكل بالنسبة لجماعة الإخوان قدس الأقداس الذى ينبغى أن يقوم على الطاعة العمياء.

وأظن أن الفهم المتسامح لحق الاختلاف فى إطار الرفض الكامل للجوء إلى العنف يعنى تعزيز فرص الحوار والقبول بحق الآخر فى الوجود بما يعزز إمكانات التنسيق المشترك أو التعايش أو التحالف أو الدمج، وهى خيارات حضارية تختلف تماماً عن هذه المواقف الأحادية التى تحض على الكراهية والعدوان .

لقد آن أوان الاعتراف الكامل بحرية التعبير فى العالم العربى كأحد حقوق الإنسان التى ينبغى احترامها دون الإخلال بمعايير الأخلاق المهنية ومواثيق الشرف وحقوق الآخر لأن حرية التعبير هى الضامن لاستمرار الحوار، وهى الضامن لوحدة الصف ساعة الخطر، بل إن الأمر يتطلب أيضاً حرية تداول المعلومات وحق الإنسان فى المعرفة لأن حرية تداول المعلومات تساعد فى توحيد المواقف وتزيد من روابط المجتمع وكلها ضمانات أساسية لأن يسود المجتمع الحوار بدلاً من الصراع والالتزام بالمصلحة المشتركة بدلاً من التنافر والتناحر والقبول بالآخر بدلاً من الكراهية

نقلا عن الاهرام

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بعد اعتراف السعودية ماذا بعد اعتراف السعودية



GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:37 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي أجود أنواع البلسم الطبيعي للشعر المصبوغ

GMT 02:12 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق بالبيج والنبيتي من لبنان

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:23 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

تعرف على المطاعم في العاصمة الكينية "نيروبي"

GMT 18:51 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

السمك يحمي صغيرك من الإكزيما
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia