حلم وحدة وادى النيل

حلم وحدة وادى النيل!

حلم وحدة وادى النيل!

 تونس اليوم -

حلم وحدة وادى النيل

بقلم - مكرم محمد أحمد

 جميعنا يتمنى لو أن حلم اليقظة بوحدة وادى النيل الذى عشناه قبل يومين بمناسبة زيارة الرئيس السودانى عمر البشير لمصر قد أصبح بالفعل هدفاً مشتركاً للشعبين اللذين تربطهما علاقة أزلية أبقى وأقوى من كل الأنظمة التى حكمت البلدين، لأن حلم وادى النيل هو الحقيقة الخالدة التى يتمناها الشعبان المصرى والسودانى، وهو المخرج الصحيح للبلدين من كل المشكلات التى يعانيها الشعبان، والحقيقة الجغرافية والإنسانية التى تضمن لهما مستقبلا واعدا ومكانة فائقة داخل حوض النيل وإفريقيا.

وجميعنا يعرف بالفعل لو أن السودان ومصر أصبحا يداً واحدة لتغيرت الأمور كثيراً فى البلدين لأن قوة مصر تصب فى قوة السودان والعكس صحيح، ولأن الشعبين فى الشمال وفى الجنوب يرتبطان منذ الأزل بعلاقات مصيرية أساسها النيل جعلت منها شعباً واحداً، لم تنجح الخلافات السياسية ومحاولات الوقيعة فى أن تباعد بينهما أو تُمزق أواصر القربى ووحدة المصير والتاريخ المشترك، رغم أنهما أصبحا بالفعل 3 دول، ويمكن لا قدر الله أن يكونا أكثر من ذلك لو أن الأمور مضت على عواهنها الراهنة، ولم يفق الجميع لأهمية وحدة وادى النيل، حلم اليقظة الأبدى الذى لا نزال نعيشه رغم كل ما جرى! ومثلما أكد السفير السودانى فى القاهرة عبدالمحمود عبدالحليم العائد إلى منصبه تصحيحاً لأوضاع خاطئة، كان استقبال الرئيس عمر البشير فى مصر مشهداً مبهراً مفرحاً يسر كل الذين يحلمون بوحدة وازدهار مصر والسودان فى إطار وحدة وادى النيل، وكانت الرسائل التى خرجت من هذا الاجتماع المبارك بالغة الوضوح، تؤكد خصوصية العلاقات بين الشعبين، وأن حلم اليقظة يغوص عميقاً فى قلوب الشعبين لم يذب ولم يذو رغم كل الذى جرى! ولكنه يتألق وهجاً مبهراً فى الأزمات، يؤكد للجميع أن ما حدث كان خطأ فادحاً سوف يحدد التاريخ مسئوليته، لكن الأهم أن درس التاريخ يقول لنا جميعاً إن الخطأ ينبغى ألا يتكرر مرة أخرى، وعلى مصر والسودان أن يجتثا كل أسباب الخلاف الذى هو باليقين خلاف عارض يتطلب تصحيحاً صادقاً.

وحسناً أن اتفق الرئيسان السيسى والبشير على أهمية إزاحة الشوائب والقضايا العالقة من طريق علاقات البلدين كى تبقى نقية ونظيفة مثل نقاء الشعبين، خاصة أن الجانبين يملكان الآن آلية واضحة تتمثل فى الاجتماعات الرباعية التى تضم وزيرى خارجية البلدين ورئيسى جهازى المخابرات لوضع الأمور فى نصابها الصحيح، بحيث يمتنع أن تصل علاقات البلدين إلى هذا المنحدر الخطير الذى أتاح لأطراف خارجية أن تحاول استثمار الموقف لمصلحتها على حساب مصالح الشعبين وتاريخهما المشترك، وأقول بكل الصدق إن الشىء الوحيد الذى يُحصن علاقات مصر والسودان هو توافر الإرادة السياسية فى البلدين على أن ما حدث ينبغي ألا يحدث مرة أخري وأن على البلدين استشراف آفاق أوسع للتعاون والتكامل والتنسيق المشترك، خاصة أن بعض الحلول المقترحة قد تم تجريبها أكثر من مرة، وظهر بوضوح أسباب قصورها, وربما يكون أهم الدروس المستفادة عدم تكرار هذه الأخطاء مرة أخرى وإقامة علاقات البلدين على أسس متكافئة من المصالح المشتركة.

وقد يكون ضرورياً أن نشكر الرئيس البشير على هذه المبادرة الطيبة التى دفعته للمجىء إلى مصر فى هذا التوقيت، كى يؤكد ترحيب السودان الشقيق بفترة حكم ثانية للرئيس السيسى وسعياً إلى تصحيح علاقات البلدين التي وصفها البشير بأنها راسخة متجذرة تضرب فى قدم التاريخ المشترك, ينبغى تحصينها وتعزيزها وإزاحة كل العقبات التى تعترض طريقها. وطبقاً لتأكيدات الرئيس السيسى، سوف تجتمع فى موعد قريب اللجنة العليا المشتركة المصرية السودانية لإنهاء المشكلات المعلقة واستشراف آفاق أوسع لتكامل جهود البلدين لمصلحة الشعبين المصرى والسودانى على أسس صحيحة، تضمن تكافؤ المصالح وتقدم المصلحة المشتركة للبلدين على أي مصالح أخرى، الأمر الذى تنشده مصر وتتمناه لأنه لا شىء يعدل فى أهميته إصلاح العلاقات بين مصر والسودان، وثمة أنباء طيبة عن اجتماع اللجنة الثلاثية المشتركة بين مصر وإثيوبيا والسودان فى إبريل المقبل فى الخرطوم لإنهاء المشكلات الفنية العالقة بسد النهضة بحيث تتوصل الأطراف الثلاثة إلى اتـفاق فنى تفصيلى حول أنسب طرق تشغيل سد النهضة وملء خزان السد دون الإضرار بمصالح أى من دول المصب، وتكثيف التعاون بين دول حوض النيل لتحسين إيرادات النهر المائية لمصلحة جميع دول الحوض دون الإضرار بمصالح أى من دوله مع الإبقاء على حلم وحدة وادى النيل حياً يقظاً يشير إلى الطريق الصحيح لمصر والسودان حتى إن يكن مجرد حلم من أحلام اليقظة.

المصدر :جريدة الأهرام

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلم وحدة وادى النيل حلم وحدة وادى النيل



GMT 06:41 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

كذب أنصار إسرائيل مستمر ويزيد

GMT 06:33 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

تضحية وتحرير وعطاء

GMT 06:29 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

أمـى

GMT 06:27 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

شعب ورئيس

GMT 06:19 2018 الخميس ,22 آذار/ مارس

خلطٌ للأوراق وانقلابٌ في المشهد الفلسطيني

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس

GMT 18:08 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:11 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الميزان الخميس29 -10-2020

GMT 14:42 2019 السبت ,16 آذار/ مارس

أفكار جديدة وملفتة لديكورات ربيع 2019

GMT 15:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

انتحار طالب داخل لجنة للثانوية العامة في الغربية
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia