ما من حل ثالث بعد ألف عام

ما من حل ثالث بعد ألف عام!

ما من حل ثالث بعد ألف عام!

 تونس اليوم -

ما من حل ثالث بعد ألف عام

بقلم : مكرم محمد أحمد

لا أعتقد أن احتفال العشاء الذى أقامته رئيسة وزراء بريطانيا وحضره بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل وجمع من الساسة البريطانيين فى ذكرى مرور مائة عام على وعد بلفور وزير الخارجية البريطانى الذى وعد عام 1917 رئيس الجالية اليهودية فى بريطانيا بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين دون اعتبار لحقوق الشعب الفلسطينى على أرضه، قد أفاد بريطانيا فى قليل أو كثير، أو جعل العالم أكثر اقتناعاً بصحة موقفها الذى أضر بالشعب الفلسطينى ضرراً بالغاً على امتداد مائة عام، عانى فيها الظلم والتشريد وغياب العدالة، فضلاً عن مأساة الخروج العظيم الذى غادر خلالها 800 ألف فلسطينى قراهم وديارهم تحت وطأة عصابات وميليشيات الصهيونية التى أعملت فيهم كل أساليب القتل والترويع، على العكس كشف الاحتفال عن قصور تاريخى فى الرؤية البريطانية لأوضاع الشرق الأوسط ومستقبله وحمل بريطانيا المسئولية التاريخية لأوضاع الفلسطينيين فى الأرض المحتلة، وكشف عن عنصرية شديدة عندما ساعدت بريطانيا على هجرة اليهود من كل أرجاء أوروبا إلى فلسطين، بينما يغادر الفلسطينيون أراضيهم قسراً مشردين فى كل أرجاء الدنيا تحت وطأة العصابات الصهيونية التى ارتكبت عشرات المذابح ضد القرى الفلسطينية الآمنة التى روعها الخوف فغادرت أراضيها!

والآن تبلغ أعداد الشعب الفلسطينى 12 مليون نسمة، يعيش منهم 2 مليون فلسطينى فى قطاع غزة الذى يكاد ينفجر على نفسه، وأكثر من مليون ونصف المليون داخل الضفة الغربية يعانون أسوأ صور التمييز العنصرى ، ويتم الاستيلاء بصورة ممنهجة على أراضيهم الخاصة وأراضى دولتهم لبناء مستوطنات لليهود القادمين من كل أنحاء العالم، بينما يهيم على وجوههم أكثر من 6 ملايين فلسطينى فى أرجاء العالم دون وطن يلم شتاتهم ويمتنع على الفلسطينى حق العودة إلى أراضيه التى طرد منها قسراً فى عملية إبادة عنصرية تجرى تحت بصر العالم وسمعه لشعب متحضر له تراثه الحضارى والدينى العريق الذى جعل من القدس مكاناً مقدساً فى كل الأديان.

ومنذ خط وزير الخارجية البريطانى آرثر جيمس بلفور فى 2 نوفمبر عام 1917 رسالته إلى رئيس الجالية اليهودية فى بريطانيا والتر روتشيلد يعد فيها بإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين، لم تتوقف جهود بريطانيا والغرب والروس والأمريكيين عن تنفيذ حلم اليهود بإقامة وطن قومى لليهود على أرض فلسطين دون اكتراث بمصير أهل البلاد رغم قرار التقسيم الذى يعطى الفلسطينيين الحق فى إقامة دولة مماثلة، وإذا كان إلغاء الآثار التى ترتبت على وعد بلفور يكاد يكون مستحيلاً الآن كما يقول الرئيس الفلسطينى محمود عباس لأن دولة إسرائيلية يعترف بها العالم أجمع قامت فى فلسطين، يبقى الامل فى إصلاح هذا الخطأ التاريخى والاعتراف بحق الفلسطينيين فى أن تكون لهم دولتهم داخل حدود 67، وبرغم أن معظم العالم يرى فى حل الدولتين الحل الصحيح لمشكلة الصراع العربى الإسرائيلى لا يزال صقور إسرائيل، وفى مقدمتهم بنيامين نيتانياهو يرفضون حل الدولتين ويرفضون أيضاً أن يقوم فى المكان دولة ديمقراطية واحدة يتمتع فيها كافة المواطنين فلسطينيين ويهود بحقوق المواطنة، بحيث يكون شعار الدولة صوتا إنتخابيا واحدا لكل مواطن إسرائيلياً كان أو فلسطينياً، ولا يرون حلاً لهذه القضية سوى قهر الفلسطينيين وإنكار حقوقهم المشروعة رغم أن الفلسطينيين يقبلون بإقامة دولتهم على مساحة لا تزيد على 22% من مساحة وطنهم القديم، ورغم أنهم يعترفون بحق إسرائيل فى أن تعيش فى سلام داخل دولة أمنة ، لقد ساند الفلسطينيون على امتداد 30 عاماً حل الدولتين الذى لاتزال إسرائيل ترفض الاعتراف به، وربما تستطيع إسرائيل بالفعل إفشال حل الدولتين كما تفعل الأن، لكن الفلسطينيين باقون فوق أراضيهم لن يستطيع أحد انتزاعهم من فوقها، سواء تمثل الحل الأخير فى دولة فلسطينية تعيش فى أمن وسلام إلى جوار إسرائيل أو فى دولة ديمقراطية واحدة شعارها صوت انتخابى واحد لكل مواطن فلسطينياً كان أم إسرائيلياً، وما من حل ثالث يمكن أن ينهى هذا الصراع حتى لو استمر ألف عام.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما من حل ثالث بعد ألف عام ما من حل ثالث بعد ألف عام



GMT 13:18 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

مسلسل المشروعات الوهمية لن يتوقف!

GMT 13:16 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حين يرجع العراق

GMT 13:13 2021 الإثنين ,30 آب / أغسطس

حروب الصحافيين

GMT 05:46 2017 السبت ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

المشتبه بهم المعتادون وأسلوب جديد

GMT 05:29 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يستطيع الحريري؟!

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia