قوانين السوق ليست بقرة مقدسة

قوانين السوق ليست بقرة مقدسة؟!

قوانين السوق ليست بقرة مقدسة؟!

 تونس اليوم -

قوانين السوق ليست بقرة مقدسة

بقلم : مكرم محمد أحمد

ربما تمثل مشكلتا الهجرة إلى الولايات المتحدة ونقل السفارة الامريكية إلى القدس القضيتين الاساسيتين اللتين تتصدران برنامج الرئيس الامريكى ترامب، لكن ما من شك فى أن موقفه المتحفظ من حرية التجارة المطلقة وخطرها على الاقتصاديات الوطنية ورفضه سياسات الاملاء التى حولت العولمة والشركات العابرة للقارات والاتحادات الدولية والاتفاقات المتعددة الاطراف إلى أنظمة شمولية تحد من حريات واستقلال الشعوب وتضر مصالحها الاقتصادية، تمثل تغيرا مهما يمكن ان يكون له أثره البالغ على مستقبل عالمنا، لانه يشكل نوعا من الايديولوجية الجديدة التى ترفض اعتبار حرية التجارة بقرة مقدسة يعبدها الجميع، وتعيد للشعوب حقها فى حماية مصالحها الوطنية، وتجعل الاولوية للاتفاقات الثنائية بدلا من الاتفاقات المتعددة الاطراف. ولست أشك فى أن الاقتصاديين المصريين يدركون مغزى هذه السياسات الجديدة التى تنفر من العولمة وسطوة التكتلات الاقتصادية الكبرى وترى ان ما فعله البريطانيون فى خروجهم من الاتحاد الاوروبى رغم انف حكومتهم ورغم انف احزابهم التقليدية يمثل تصحيحا ضروريا لاتجاهات العولمة والليبرالية الاقتصادية بمفهومها الواسع الذى اطلق الهجرة من الجنوب إلى الشمال دون حدود واضحة تحفظ للعمال الوطنيين حقوقهم ، الامر الذى ادى إلى زيادة نسب البطالة. 

وأظن أن اخطر وأهم هذه التوجهات الجديدة، انها ترفض اعتبار قوانين السوق المعيار الوحيد لضمان صحة التوجه الاقتصادى وتعتقد ان التعايش ممكن وصحيح بين قوانين العرض والطلب وحق المجتمعات فى فرض هوامش ارباح محددة على اسعار بعض السلع والخدمات، تحد من جشع التجار وقدرتهم على العبث بقوانين السوق، وان سياسات إحلال الواردات التى تحد من الاستيراد لاتتناقض مع حرية التجارة لأن الفيصل النهائى فى صحة هذه القضايا هو مصالح الشعوب وليس مصالح التكتلات الاقتصادية الكبرى التى أضرت بالمنافسة واغلقت فرص التقدم على مجتمعات عديدة تم تجريدها من قدرتها على حماية أقتصادياتها الوطنية.. ومن المؤكد ان إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى الاخير بانه لايستطيع ان يترك مصائر المصريين لقوانين السوق فى ظل موجة ارتفاع الاسعار الراهنة بدعوى حرية التجارة والالتزام بقوانين العرض والطلب، يحتاج إلى ترجمة عملية سريعة تنظم تدخل الدولة فى تصحيح هذه الاوضاع، وتنظيم الاسواق بما يضمن الحفاظ على حقوق الشعب المصرى فى اسعار عادلة للسلع والخدمات خاصة أن أحدا لايستطيع الآن أن يصف هذه الاجراءات بأنها تعارض قوانين السوق او تمثل تدخلا حكوميا غير مرغوب فيه.

المصدر: الأهرام

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوانين السوق ليست بقرة مقدسة قوانين السوق ليست بقرة مقدسة



GMT 08:43 2019 الخميس ,30 أيار / مايو

ترامب فى آخر طبعة تغيير جذرى فى المواقف!

GMT 09:11 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

أمريكا تدعم حفتر فى حربه على الإرهاب

GMT 08:27 2019 الإثنين ,27 أيار / مايو

أمريكا تُعزز وجودها العسكرى

GMT 07:30 2019 الأحد ,26 أيار / مايو

هل يحارب أردوغان قبرص؟

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia