يوليو حاضرة

يوليو حاضرة

يوليو حاضرة

 تونس اليوم -

يوليو حاضرة

عمرو الشوبكي

لايزال المصريون يحتفلون بثورة 23 يوليو، ومازال يوم إعلان الجمهورية فى 26 يوليو يمثل نقطة فاصلة فى تاريخ مصر المعاصر، رغم مرور 62 عاماً على إعلانها، ورغم اعترافهم بالأخطاء التى وقعت فيها والسلبيات التى شابتها.
فقد عرفت يوليو مثل كل الثورات مبادئ وقيماً، ودولة وممارسات، فنجحت فى جوانب وأخفقت فى جوانب أخرى، وأن ما يحتفل به المصريون هو قيم ومبادئ التحرر الوطنى والعدالة الاجتماعية والنظام الجمهورى، التى دافعت عنها الثورة، وكانت صوتها فى العالم العربى وبين كل شعوب العالم الثالث.
لقد مثّل انطلاق ثورة يوليو 1952 تحولاً جذرياً فى المنطقة العربية والعالم، حيث نجحت فى إنجاز الاستقلال الوطنى وإعلان الجمهورية، كما أنها أقامت نظاماً سياسياً جديداً على أنقاض النظام القديم، وصاغت عقدا اجتماعيا حصلت بمقتضاه على «توكيل» من الجماهير للدفاع عن مصالحها وتقديم الحلول نيابة عنها فى كثير من الأحيان.
صحيح أن ثورة يوليو لم تكن ديمقراطية، فقد أسس عبدالناصر نظاماً غير ديمقراطى قام على الحزب الواحد، وتساوى مع زعماء العالم الثالث «المدنيين» الذين أسسوا لنظام الحزب الواحد أيضاً متصورين أن مواجهة الاستعمار فى الخارج وتحقيق التنمية فى الداخل يتطلبان نظماً تعبوية على طريقة الكل فى واحد، وهنا تساوت تجربة عبدالناصر ذى الخلفية العسكرية فى مصر مع تجربة بورقيبة ذى الخلفية المدنية فى تونس، وتساوت التجارب الاشتراكية والرأسمالية، و«المدنية» و«العسكرية» وبدت الهند استثناء واضحاً من كل تجارب التحرر الوطنى بتأسيسها تجربة ديمقراطية لم تخلُ من مشكلات أيضاً.
مدهش ومؤسف أن يختزل البعض ثورة يوليو فى نظام الحزب الواحد، فتلك كانت أدوات دول العالم الثالث فى ذلك الوقت لتحقيق الاستقلال والتحرر من الاستعمار، وهو أمر ناضل من أجله الشعب المصرى لعقود طويلة، ونجح فى تحقيقه.
من حق التيارات السياسية أن تختلف على تجربة عبدالناصر وممارسات نظامه، فهناك من يرفضها بالكامل، وهناك من يؤيدها بالكامل وهناك من يرفضها جزئيا أو يؤيدها جزئيا، وهناك من يدافع عنها بالحق والباطل، كل هذا مشروع فى عالم السياسة، ولكن ما يجب أن نتفق عليه جميعا، بصرف النظر عن اللون السياسى والحزبى، أن «يوليو التحرر الوطنى» هى جزء مشرف من التاريخ المصرى والعربى، وأن احترام نضال أجيال سابقة من المصريين والعرب، دفعوا أرواحهم ثمنا لهذا الهدف هو جزء من الذاكرة الوطنية التى لا يجب أبدا التخلى عنها.
إن تاريخ مصر الحديث منذ تأسيس الدولة الوطنية على يد محمد على هو تاريخ متصل من الإنجازات والإخفاقات. وثورة يوليو التى أسست للنظام الجمهورى، الذى أقسم كل رؤساء مصر على احترامه، يجب أن ننظر لها على أنها تجربة تحرر وطنى كبرى، أسست النظام الجمهورى الذى أنقذ مصر من مشروع التوريث المباركى والتمكين الإخوانى وبفضل جمهورية يوليو بقيت مصر على قدميها 62 عاما رغم كل محاولات التفكيك والهدم التى تتعرض لها جمهوريات المنطقة، سواء بفعل الاستبداد والفشل الداخلى، أو المؤامرات الخارجية، وحان وقت بناء الجمهورية الديمقراطية الجديدة لنواجه بها كل الأخطار.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوليو حاضرة يوليو حاضرة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia