معضلة التحالفات السياسية

معضلة التحالفات السياسية

معضلة التحالفات السياسية

 تونس اليوم -

معضلة التحالفات السياسية

عمرو الشوبكي

عادة ما تُشكَّل التحالفات السياسية بين قوى وأطراف حزبية لمواجهة أخرى تختلف معها فكريا وسياسيا، فنجد تحالفاً لليسار فى مواجهة اليمين، وتحالف القوى الديمقراطية فى مواجهة اليمين المتطرف الذى يهدد النظم الديمقراطية، كما جرى فى كثير من المجتمعات الأوروبية، وهناك أخيرا تحالف القوى المدنية فى مواجهة تحالف التيارات الدينية كما يحدث فى العالم العربى.

إحدى معضلات التحالفات السياسية المدنية فى مصر أنها لا تعرف بالضبط من تواجهه، أو بالأحرى لا تعرف بصورة واضحة حجم خصمها الرئيسى، أى التيار الدينى، خاصة الإخوان المسلمين: هل سيترشحون من الأصل فى الانتخابات؟ وهل بشكل علنى أو مستتر، وما هو وزنهم الحقيقى الآن بعد تراجعهم؟ وهل سيقدمون مرشحين غير معروفين ويخترقون أحزابا موجودة بوجوه إخوانية غير معروفة؟.. كل هذه تساؤلات تجعلهم غير ظاهرين وغير محددة قوتهم الحقيقية فى مواجهة القوى المدنية اليمينية واليسارية، وهو ما يمثل أحد العوامل التى ساعدت على عدم وجود تحالف مدنى واحد وواضح لعدم وجود هذا الخصم الواضح.

صحيح أن البعض يعتبر حزب النور هو هذا الخصم الواضح، والواقع يقول إن بعض الاتجاهات المدنية اليمينية والمحافظة لا تجد غضاضة من التحالف مع حزب النور (كما جرى بالفعل)، والبعض الآخر يجده أقرب لها من اتجاهات يسارية أو ثورية أو علمانية متطرفة.

وهناك معيار آخر يتعلق بالانقسام بين تحالف يعتمد بشكل أساسى على أعضاء الحزب الوطنى وبين تحالف يضم قوى «الثورة» والقوى التقدمية والليبرالية، والحقيقة أن هذا المعيار عاد وتقلص حتى تعلق فقط بمن مارسوا فسادا وإفسادا وتورطوا فى جرائم فى العهد السابق أو الأسبق، نظرا لأن كل التحالفات السياسية المطروحة تضم تقريبا أعضاء سابقين فى الحزب الوطنى، وجميعهم يقولون إنهم لم يكونوا فاسدين أو مفسدين، حتى أصبح من المستحيل أن تؤسس تحالفا انتخابيا تقول إنه تحالف ثورة يضم الأنقياء والشباب الثورى فى مواجهة تحالف الفلول الذى يضم الثورة المضادة، فقد اختلطت الأوراق ولم يعد هناك تحالف ثورى كامل أو تحالف «فلولى» مطلق، فيكفى أن تحالف الجبهة المصرية الذى يضم بعض القوى والأحزاب اليمينية والمحافظة والمحسوب بعضها على نظام مبارك ضم حزب التجمع اليسارى، كذلك فإن هناك بعض القوى اليسارية التى تفضل أن تتحالف مع حزب المصريين الأحرار اليمينى عن تحالفها مع حزب تقدمى مثل الاجتماعى الديمقراطى الذى اختار بدوره أن يتحالف مع الوفد، رغم أنه حزب يمين وسط بدلا من التحالف مع قوى يسار الوسط.

صحيح أن هناك أيضا خلافات شخصية بين قادة الأحزاب والقوى السياسية تعوق بناء التحالفات، وأيضا أمور أخرى تتعلق بنسب التمثيل لكل حزب أو تيار داخل التحالف، وهو مفهوم فى بلد مازال فى بداية تحوله الديمقراطى، إلا أن غياب الأساس الفكرى والسياسى الذى سيبنى عليه التحالف وسيواجهه به خصومة، جعل التحالفات فى مصر مأزومة بدرجة كبيرة.

ستبقى التحالفات السياسية فى مصر قائمة ومتعثرة فى نفس الوقت، وأرى من الصعب أن يوجد تحالف يضم جميع القوى السياسية بداخله، لأنه لا يوجد شعور حقيقى «بالخطر الانتخابى» حتى لو كان هناك شعور بالخطر السياسى على البلد والدولة، لأن التحالفات هى بحكم التعريف كائن انتخابى وسياسى، وطالما ظلت التحالفات معزولة عن أى أساس فكرى وسياسى ولا تواجهه خصم انتخابى محدد فستبقى هناك معضلة حقيقية لهذه التحالفات.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلة التحالفات السياسية معضلة التحالفات السياسية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia