محاربة داعش

محاربة داعش

محاربة داعش

 تونس اليوم -

محاربة داعش

عمرو الشوبكي

دعت الولايات المتحدة دولا عربية وغربية للمشاركة فى تحالف دولى لمحاربة داعش من ضمنها مصر، وشاركوا جميعا فى مؤتمر دولى بجدة نهاية الأسبوع الماضى من أجل وضع استراتيجية عالمية لمحاربة التنظيم الإرهابى الممتد من سوريا إلى العراق وله أيضا مندوبون بأسماء أخرى فى ليبيا.

والحقيقة أن أى استراتيجية لمحاربة الإرهاب تستلزم إحداث قطيعة كاملة مع المفاهيم التى حكمت الحرب الأمريكية الأولى على الإرهاب، وبدأت بغزو أفغانستان وانتهت بغزو واحتلال العراق، وتحولت فى النهاية إلى أحد مصادر انتشار الإرهاب وليس محاربته.

والمؤكد أن ما ذكره الرئيس الأمريكى أوباما فى خطابه فى الذكرى الـ13 لاعتداءات 11 سبتمبر يختلف جذريا عما قاله سلفه جورج بوش الابن عشية غزو العراق فقد حدد الرئيس الحالى استراتيجية جديدة لمواجهة خطر تمدد تنظيم « داعش »، واشتملت على 4 محاور، هى توسيع الضربات الجوية ضد التنظيم لتشمل سوريا، إضافة إلى دعم القوات التى تواجه «داعش» على الأرض، إلى جانب استمرار جهود مكافحة الإرهاب لمنع «داعش» من تنفيذ أى هجمات جديدة، واستمرار تقديم المساعدات الإنسانية إلى المتضررين من التنظيم.

لم يتحدث أوباما عن أن الحرب على الأرهاب هذه المرة من أجل جلب الديمقراطية، وإسقاط نظم استبدادية بقوة السلاح وجلب أخرى محمولة جوا مع قوات الغزو الأمريكية لتعليمنا الديمقراطية، إنما تكلم عن تحالف دولى لمواجهة خطر تنظيم إرهابى ظهر فى سوريا وتمدد إلى العراق، البلد الذى أرادت الولايات المتحدة أن يكون نموذج الديمقراطية فى العالم العربى، وتحول إلى بلد مأزوم جثم على أنفاسه نظام طائفى ودولة شبه فاشلة.

إن خطورة التعامل مع داعش باعتباره فقط تنظيما إرهابيا يجب مقاومته بتحالف دولى وبهجمات عسكرية، دون معرفة طبيعة البيئة الحاضنة التى جعلته يتمدد فى أقل من عام فى أراضى دولتين عربيتين كبار لن يقضى على التنظيم، بل ربما سيساهم فى تماسكه.

الجماعات الإرهابية تستند فى بنائها على بعد عقيدى منحرف يجب مواجهته فكريا ودينيا، وترتكب جرائم إرهابية يجب محاربتها ووقفها بالقوة المسلحة، ولكن الأخطر أن لها بيئة حاضنة هى نتاج واقع سياسى مأزوم وهذا هو مربط الفرس، وأحد أسباب انتشار داعش وتحوله من كونه تنظيما إرهابيا يقوم بعمليات إرهابية مثلما فعل من قبل تنظيم القاعدة، وقبله الجماعات الجهادية المسلحة إلى تنظيم يسيطر على أجزاء كبيرة من دول نتيجة وجود بيئة احتضنته ولو بشكل جزئى.

إن سيطرة داعش على مايقرب من ثلث أراضى العراق قبل تراجعه من بعض المناطق مؤخرا، عكس أزمة عميقة خلفها الغزو الأمريكى للعراق وتفكيك دولته وجيشه، وبناء أخرى نظر إليها كثير من العراقيين على أنها دولة طائفية هيمنت عليها الأحزاب الشيعية وسيطرت على مفاصلها ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، وارتكب بعضها جرائم طائفية بحق السنة لا تقل بشاعة عن تلك التى ارتكبها تنظيم داعش بحق الشيعة والمسيحيين والزيديين وغيرهم.

لا بد من بناء نظام سياسى جديد فى كل من العراق وسوريا لايشعر فيه السنة «بمظلومية» أخرى (مثلما شعر الشيعة فى فترات سابقة)، وتهميش طائفى يدفع بعضهم إلى «غض الطرف» عن داعش فى مواجهة طائفية المالكى والنظام العراقى، وربما يكون تشكيل حكومة وطنية جديدة فى العراق بداية لعودة الثقة بين الدولة ومكونات الشعب العراقى، وأن تغييرا مشابها من داخل ماتبقى من الدولة السورية يطيح ببشار الأسد، ويجدد دماءها سيكون بدوره قادرا على دحر الإرهاب وفتح الطريق أمام بناء نظام سياسى جديد فى سوريا.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محاربة داعش محاربة داعش



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia