قانون الانتخابات الأسوأ

قانون الانتخابات الأسوأ

قانون الانتخابات الأسوأ

 تونس اليوم -

قانون الانتخابات الأسوأ

عمرو الشوبكي

صدر قانون تقسيم الدوائر وأصبحنا أمام واحد من أسوأ القوانين التى صدرت لتنظيم الانتخابات فى مصر وباتت البلاد أمام معضلة كبيرة اسمها شكل البرلمان القادم.

والحقيقة أن عنوان الانتخابات الأسوأ سبق أن استخدمته مرتين قبل وبعد انتخابات 2010 حين توقعت أنها ستكون الأسوأ وحدث، ثم كتبت بعد إجرائها فى 2 ديسمبر 2010، وقبل أسابيع قليلة من ثورة يناير، لماذا هى الانتخابات الأسوأ: «ما فعله الحزب الوطنى هو أنه اختار كثيرين ليست لهم علاقة بالسياسة، وامتلك مهارة هائلة فى إفشال طاقة رموزه الإصلاحية وكثير من عضويته الوسيطة التى دخلت الحزب وهى متصورة أنه حزب الدولة الذى عرفه الآباء والأجداد منذ الاتحاد الاشتراكى وحزب مصر والطبعة الأولى من الحزب الوطنى، حتى اكتشفوا أنهم فى شركة خاصة يقودها أمين تنظيم زاوج بين السلطة والمال، هادماً فى الطريق كثيراً من تقاليد هذه الدولة وما عرفه الناس منذ عقود، دون أن ينقلهم خطوة واحدة للأمام».

والمؤكد أننا فى الوقت الحالى أمام مشهد مختلف ونوايا مختلفة وفرصة مهدرة لوجود رئيس بلا حزب وسلطة تفصل من أجله قوانين الانتخابات مثلما جرى مع الحزب الوطنى، ومع ذلك وضع قانون انتخابات يصغر مساحة الدوائر وأعداد الناخبين التى بات من الوارد أن ينجح فيها نائب بعشرة آلاف صوت من عشيرته أو شلته وسيفتح الباب واسعا أمام نواب العصبيات وشراء الأصوات وكتل المستقلين وأيضا الطعن على دستورية القانون.

والحقيقة أن السؤال المطروح الذى لا توجد إجابة قاطعة عليه: هل هناك حسبة وراء قانون الانتخابات الجديد؟ وإذا كانت الإجابة تحتمل نعم ولا فإن السؤال المطروح: ما هى حسابات النظام الجديد وراء صدور قانون انتخابات دون أى حوار سياسى حوله وترك الأمر مثلما كان يجرى فى عهد مبارك لخبراء قانونيين وأمنيين؟

هناك 3 تساؤلات تتعلق بقانون الانتخابات وتقسيم الدوائر الذى صدر مؤخرا:

الأول أن قانون تقسيم الدوائر يقدم «هدية مجانية» لنواب الرشاوى الانتخابية والعصبيات العائلية بتصغير حجم الدوائر وتكريس الثقافة القبلية لابن الحى والحارة والقرية على طريقة نائب لقريتنا ونائب لحينا، بما يعنى أن النائب المطلوب هو أقرب لشيخ الحارة أو «العرضحالجى» الذى يخلص من الصباح إلى المساء مشاكل عشرة أو عشرين ألف مواطن ممن انتخبوه لأن القانون أعطى الحق فى وجود نائب لكل 131 ألف ناخب لن يصوت منهم فى هذه الظروف أكثر من 30 إلى 40%، ونسى واضعو هذا القانون أن بلداً مثل الهند تجاوز عدده ملياراً و200 مليون نسمة وبرلمانه يضم 550 عضواً وليس عشرات الآلاف من النواب وفق نظرية نائب لكل 131 ألف ناخب.

والسؤال المطروح: هل المطلوب أن يكون نواب البرلمان أقرب فى أدائهم لأعضاء المجالس المحلية حتى تنجح نظرية «سيبوا الريس يشتغل وبلاش دوشه»، أم أن الموضوع هو اجتهاد لا تحكمه أى حسابات؟.. نترك الإجابة للمستقبل.

السؤال الثانى يتعلق بطريقة تقسيم الـ420 مقعدًا انتخابيًا، والذى لم يحدث فى تاريخ مصر ولا أى دولة فى العالم، أن يكون هناك هذا التفاوت فى تقسيم الدوائر فتكون هناك 119 دائرة بمقعدين و77 بمقعد و35 بثلاثة مقاعد، وهو أمر يدل على أن التفكير بالقطعة الذى تحكمه تفاصيل فنية وإدارية منفصلة تماما عن أى رؤية سياسية، أو حتى تصور عام وشامل، مازال هو الذى يحكم عملية إصدار القوانين.

الطبيعى والبديهى أن يوضع نظام انتخابى للأمة لا يفصل على مقاس أحياء أو أقسام أو دوائر، وأن يكون هذا النظام موحدا لكل الجمهورية، كأن ينص مثلا على وجود نائب لكل 300 ألف ناخب على مستوى الجمهورية كلها، أو نائبين لكل 600 ألف ناخب كما كان عليه تقسيم الدوائر من قبل (كما اقترحنا)، وليس هذا السمك لبن تمر هندى الذى ضم فى داخله 3 أنواع من الدوائر الانتخابية تكرس للفوضى والعشوائية التى نعرفها فى حياتنا اليومية ويريد البعض أن يحولها إلى نمط سائد فى السياسة أيضا.

والسؤال المطروح: هل هذا التفاوت فى تقسيم الدوائر يعنى عدم تكافؤ الفرص بين الدوائر المختلفة بما يعنى فتح الباب أم طعن عدم الدستورية؟ وهل الإصرار على التمسك بهذا التفاوت الغريب فى تقسيم الدوائر يهدى للسلطة التنفيذية سلاحاً يمكن أن تحل به البرلمان فى أى وقت على أساس عدم الدستورية؟.. الإجابة يحملها المستقبل القريب.

أما السؤال الثالث فيتعلق بوجود نية أو حسبة تذكرنا بمشاهد ما بعد ثورة 25 يناير حين فتح الباب أمام شباب القوى الثورية ليصولوا ويجولوا فى الفضائيات والميادين ويحدثون الشعب على الثورة التى تأمر ولا تطلب، ويحاصر بعضهم مديريات الأمن والوزارات السيادية حتى تبلور رأى عام من أغلب الشعب المصرى ضد هذه القوى، ثم جاء برلمان الإخوان الذى ما إن ظهر نوابه على الرأى العام حتى فقد شرعيته، وفرح كثيرون بحله، والسؤال المطروح: هل نحن أمام برلمان قادم مطلوب ألا يرضى عنه الناس ومعرض للحل، وأن هذا هو المطلوب حتى يمهد الطريق أمام مشروع سياسى جديد يظهر فى الوقت المناسب، ويبدو أنه بديل لفشل البرلمان؟.. هذا سؤال إذا كانت إجابته بالإيجاب فهى مخاطرة كبيرة سترجعنا كثيرا للوراء، أما إذا كانت بالنفى فهى لا تلغى مسؤولية النظام السياسى عن صدور قانون انتخابات بهذا السوء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قانون الانتخابات الأسوأ قانون الانتخابات الأسوأ



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia