صراع الهوامش

صراع الهوامش

صراع الهوامش

 تونس اليوم -

صراع الهوامش

عمرو الشوبكي

مدهش هذا الهجوم الدائر الآن حول تشكيل تكتل سياسى داخل البرلمان تحت مسمى «دعم الدولة المصرية»، واعتباره سيخرب الحياة السياسية وسيدمرها، وكأن وجود حزب أو ائتلاف مؤيِّد سيعنى فى ذاته العودة للحزب الوطنى، تماما مثل أن عدم الانضمام لهذا الائتلاف يعنى خروجا عن الإجماع والاصطفاف الوطنى.

والحقيقة أن الاشتباك والسجال حول هذه القضية لا علاقة له بالعمل السياسى الطبيعى، الذى يرغب الكثيرون أن تدخله مصر، بمعنى أن يكون هناك حزب أو تكتل حاكم يقابله حزب أو تكتلات معارضة، وأن من حق سامح سيف اليزل أن يقود ائتلافا داعما للدولة والنظام السياسى، مثلما من حق الآخرين أن يدعموا الدولة أيضا ويختلفوا مع النظام السياسى مثلنا مثل كل بلاد الدنيا.

والسؤال: لماذا تحسس البعض مما هو طبيعى؟ ومتى سنظل خائفين من وجود تكتل أو حزب مؤيِّد، مع أن الطبيعى أن يقبل الجميع بوجوده، ولكن بشروط جديدة تختلف عن تلك التى وُجد فيها الحزب الوطنى، وهذا ما لم يتكلم فيه الكثيرون بكل أسف، واكتفوا بالصراخ أو الهجوم على التكتل الجديد، باعتباره عيباً فى ذاته، فى حين أن المطلوب هو وجود هذا الحزب الحاكم، وفى نفس الوقت النضال من أجل فصله تماما عن مؤسسات الدولة، حتى يصبح هناك حزب أو ائتلاف يحكم بجهوده وبرنامجه وليس بدعم أجهزة الدولة له.

والحقيقة أن الجهود التى بذلتها شخصية وطنية مثل اللواء سيف اليزل لم تخرج عما هو متعارف عليه فى أى نظام سياسى من زاوية ضمان أغلبية سياسية مؤيدة للنظام القائم، وتبقى معضلة هذا التوجه الطبيعى مسألتين: الأولى عدم وجود هذا التكتل المؤيد بشكل واضح ومبلور قبل الانتخابات، بحيث يطرح توجهه على عموم الناخبين، واكتفى بقائمة «فى حب مصر»، التى مثلت نواة هذا التكتل الجديد، وضمت فى نفس الوقت أحزابا أخرى، بعضها مثل «المصريين الأحرار» رفض الدخول فى الائتلاف الجديد. والمسألة الثانية هى علاقة هذا التكتل بأجهزة الدولة، وهنا مربط الفرس والتحدى الحقيقى فى حال ظهر للعلن حزب أو ائتلاف أو تكتل مؤيِّد للنظام السياسى، خاصة فى ظل الحديث عن ضرورة تأسيس «حزب الرئيس»، فكيف نضمن ألا تكون علاقته بالدولة هى نفس علاقة الحزب الوطنى بها، ويكون هناك انحياز سافر لمؤسسات الدولة لصالح مرشحى الحزب أو الائتلاف الحاكم الجديد؟

مشكلة مصر ليست فى وجود ائتلاف ولا حزب حاكم، إنما فى ضمان حياد مؤسسات الدولة، وهو أمر تدل مؤشرات كثيرة على أنه لم يحدث فى الوقت الحالى، فما بالنا إذا ظهر «الحزب الحاكم»، فكيف ستكون درجة انحياز الدولة؟

والحقيقة أن الارتباك الحادث الآن وصراع الهوامش المستعر يرجع فى جانب كبير منه لهذه التركيبة العجيبة والمتفردة، التى قام عليها نظام القوائم وجعل هناك استحالة لأى حزب أن يرتب قائمة بمفرده، مما دفع الجميع للدخول فى تحالفات بين أحزاب مختلفة مع بعضها فكريا وسياسيا مع عشرات المستقلين، ولم تكن أجهزة الدولة بعيدة تماما عن هذه الخيارات.

إن إصرار الدولة ولجنتها الحكومية على اعتبار القوائم الأربع- التى تضم اثنان منها 45 مقعدا- من المقدسات التى لا تُمس ولا تُناقش، ساهم فى تشكل جانب كبير من المشهد الحالى من «حرب التكتلات»، لأنه فرض تحالفات الضرورة، من أجل استكمال القوائم وليس تحالفات الاختيار، وهو أمر ستكون تداعياته شديدة السلبية على المسار السياسى برمته.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صراع الهوامش صراع الهوامش



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia