داعش الأوروبية 12

داعش الأوروبية (1-2)

داعش الأوروبية (1-2)

 تونس اليوم -

داعش الأوروبية 12

عمرو الشوبكي

حين كتبت مقال «أسلمة التطرف»، منذ حوالى أسبوعين، كانت فكرته الأساسية مستمدة من دراسة التنظيمات الجهادية فى تسعينيات القرن الماضى، ومدى عمق التكوين العقائدى (ولو فى الاتجاه الخاطئ)، الذى حمله عنصر الجهاد فى ذلك الوقت، مقارنة بالتكوين الدينى السطحى لعنصر داعش فى الوقت الحالى.

لم أدرس داعش من الناحية الأكاديمية أو البحثية، إنما تابعت أخبارها فى الصحف العربية والعالمية وخرجت بهذا الانطباع أو التقدير أن التطرف الحالى منبعه بالأساس اجتماعيا وسياسيا وطائفيا، وأخذ طلاء دينيا إسلاميا يبرر تطرفه، فى حين أنه فى حالة التنظيمات الجهادية فى القرن الماضى فإن تطرفها كان «تطرفا دينيا» صنعته تفسيرات خاطئة للنص الإسلامى، وكانت هذه التفسيرات هى نقطة الانطلاق الأولى لهذه التنظيمات.

ولذا كانت فكرة المراجعات الدينية حاسمة فى تعديل مسارات هذه التيارات، فقد قدمت الجماعة الإسلامية فى مصر مراجعتها للعنف مبكرا، وتمثلت أولا فى مبادرة وقف العنف عام 1997، ثم فى إصدار أربعة كتب فى عام 2002 تمثل مراجعة للأساس الفقهى الذى قام عليه المشروع الجهادى للجماعة الإسلامية تحت عنوان سلسلة تصحيح المفاهيم، وهى: مبادرة وقف العنف... رؤية واقعية ونظرة شرعية، حرمة الغلو فى الدين وتكفير المسلمين، تسليط الأضواء على ما وقع فى الجهاد من أخطاء، والنصح والتبيين فى تصحيح مفاهيم المحتسبين، وعادت وأصدرت ما يقرب من 20 كتابا فى نفس هذا الاتجاه على مدار السنوات التى أعقبت مبادرة وقف العنف.

وجاءت بعد ذلك مراجعة الشيخ سيد إمام وعرفت باسم ترشيد الجهاد فى مصر والعالم، لتطوى صفحة كاملة من ملف العنف الدينى والعمليات الإرهابية فى مصر، كان بطلها التنظيم الأقل عددا والأكثر إحكاما فى بنيته التنظيمية والعقائدية، أى تنظيم الجهاد.

والسؤال المطروح: هل تحتاج داعش إلى مراجعة فكرية ودينية، مثلما فعلت الجماعات الجهادية فى نهايات الألفية الثانية؟ أم أن طبيعة هذا التنظيم وعمليات التجنيد التى تتم داخله لا تجعل هناك أولوية لهذا النوع من المواجهات الدينية؟

الحقيقة أن آلية تجنيد الغالبية العظمى من عناصر داعش تتم وفق دوافع اجتماعية وسياسية وطائفية ومالية، طبعتها أو بررتها بشعارات إسلامية، أو جعلتها «تؤسلم التطرف» القادم من الواقع المجتمعى أولا، وليس كما جرى مع الجماعات الجهادية فى سبعينيات القرن الماضى، والتى كان «تطرفها إسلاميا»، لأنه نابع أولا من تفسيرها للنص الدينى.

والحقيقة أن السجال الفقهى والعقائدى الذى راج فى نهايات القرن الماضى بين الجهاديين وخصومهم تراجع بصورة كبيرة مع تنظيم القاعدة، ثم اختفى تقريبا مع دواعش القرن الجديد لصالح عمليات قتل وذبح واستباحة كاملة يقوم بها قتلة مجرمون لم يقرأ معظمهم كتابا إسلاميا واحدا، ولو حتى فى الاتجاه الخاطئ.

يقينا دواعش أوروبا الذين ذهبوا إلى سوريا أو بقوا فى بلادهم وقاموا بعمليات إرهابية هناك ليست لهم أدنى علاقة بعناصر التنظيمات الجهادية التى رأيناها فى مصر أو الجزائر أو المغرب فى تسعينيات القرن الماضى، من حيث التربية العقائدية والتعامل مع النصوص الدينية، فيكفى أن الأخوين سعيد وشريف كواشى، اللذين نفذا عملية شارلى إبدو الإرهابية فى فرنسا، امتلكا تاريخا فى الجرائم والسرقات الصغيرة وليس أى ماضٍ جهادى، ونفس الأمر تكرر مع بعض من نفذوا عملية باريس الأخيرة، حين كان ماضيهم هو السرقة وتجارة المخدرات وليس عضوية التنظيمات التكفيرية.

ونستكمل هذا الموضوع فى حديث الغد.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

داعش الأوروبية 12 داعش الأوروبية 12



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia