المعركة الوهمية

المعركة الوهمية

المعركة الوهمية

 تونس اليوم -

المعركة الوهمية

عمرو الشوبكي

لا يمكن اعتبار معركة الحجاب فى مصر الآن تستحق كل هذا الصراخ والاتهامات المتبادلة، لأن الأمر لا يعدو مجرد رأى شخصى لبضعة أفراد، وهو غير ملزم للدولة ولا المجتمع ولا غالبية نسائه اللاتى اخترن (أيا كانت الأسباب) أن يرتدين الحجاب بصور مختلفة.

لا أعرف ماذا يضر المجتمع حين يطالب مئات الأشخاص بخلع الحجاب، وهل يستطيع أحد فى مصر أن يجبر أحدا على خلع الحجاب أو غطاء الرأس «الشيك» أو«البونيه»، وهؤلاء بتنويعاتهن المختلفة يمثلن الغالبية الساحقة من نساء مصر.

وكما أن هناك كثيرا من النساء المحجبات اخترن ارتداءه لدوافع دينية، واعتبرنه تقربا لله وفرضا من فروضه، فإن هناك أيضا من فعلت ذلك لأسباب اجتماعية لا علاقة لها بأى دوافع دينية تذكر، تماما مثلما هناك العديد من النساء الفضليات اللاتى اخترن بمحض إرادتهن ألا يرتدين الحجاب.

والحقيقة أن إهانة هؤلاء النساء أو اتهامهن بأى تهم بسبب ارتداء الحجاب أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ولا يمثل إلا رأى أصحابه الذين اختبأوا وراء ليبرالية زائفة، وتصوروا أن حشر أنفهم فى أمور هى من صميم الاختيار الشخصى للأفراد أمر يزيدهم تنويرا، والحقيقة أنه يزيدهم فاشية ورجعية.

فالمجتمع المصرى، رغم ما به من مشاكل، ظل يقاوم كل محاولات فرض الحجاب أو غطاء الرأس بالإجبار، سواء عن طريق عضلات جماعة تسيطر على حى أو منطقة، أو قانون «إسلامى» يفرضه تيار أو حزب دينى يصل للسلطة، وظل بلدنا محافظا على تقليد احترام الحرية الشخصية للجميع: من شاءت أن ترتدى الحجاب ومن لم تشأ.

محاولات الإساءة للأغلبية التى اختارت ارتداء الحجاب والأقلية التى اختارت ألا ترتديه أمر مسىء لمصر كلها، وليس فقط أصحاب هذه الدعوات، وعلينا ألا ننسى الحملات المسفة التى جرت فى عهد الإخوان على فنانات مصريات بسبب زيهن، ودافع عنهن كثير من المصريين المحافظين، وكثير من السيدات المحجبات، ولذا لا يجب أن نعيد الكرة مرة أخرى بحق ملايين المصريات.

السؤال الحقيقى وغير الوهمى الذى يجب أن يطرحه المجتمع على نفسه ليس فى إدانة الحجاب من عدمها، إنما فى مناقشة لماذا انتشر الحجاب على أنه مظهر «للصحوة الإسلامية» كما قال البعض فى الوقت الذى تدهورت فيه الأخلاق، وتراجعت باقى المبادئ الإسلامية؟ لماذا زاد الحجاب، وزاد الكذب والفساد والنفاق؟ لماذا لم تزد مع الحجاب الجدية فى العمل وكل القيم الدينية العظيمة فى العدل والمساواة والحرية والكرامة الإنسانية؟

وإذا اتفقنا مع رأى كثير من العلماء على أن الحجاب أمر مفضل وفق القرآن والسنة (على اعتبار أنه لم يكن هناك عقاب دنيوى لمن لا يلتزم به مثل أمور أخرى) والبعض الآخر يعتبره فرضا، بما يعنى فى النهاية أن الحجاب أمر دينى وبجواره أمور دينية أخرى لا يراها الناس، وتخص علاقة الإنسان بربه، فلماذا بدأنا بما يراه الناس؟ ولو كنا بدأنا بما لا يرونه لكانت مصر أصبحت اليابان أو كوريا أو ماليزيا وغيرها من الدول التى التزمت بقيم حقيقية دينية كانت أو غير دينية ساعدتها على التقدم.

مشكلة قضية الحجاب ليست فى رفضه ولا فى الإساءة له، ولكن نذكر المجتمع بأن هناك قيما إسلامية أخرى تدافع عن العدل والمساواة، وتحارب الظلم والفساد، لو كنا التزمنا بها لكانت مصر فى مصاف الدول المتقدمة.

راهنوا على الجوهر، ولا تعتبروا أن الحجاب هو كل الدين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعركة الوهمية المعركة الوهمية



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia