المتاجرون بغزة

المتاجرون بغزة

المتاجرون بغزة

 تونس اليوم -

المتاجرون بغزة

عمرو الشوبكي

المتاجرون بغزة نوعان: الأول هم هؤلاء الذين أخذوا غزة وشهداءها معبراً من أجل إهانة مصر دولة وشعباً وتصفية حساباتهم مع النظام القائم، دون أن يكون من ضمن أهدافهم الحقيقية التضامن مع غزة ولا الشعب الفلسطينى. فهناك من اكتشف لنفسه دورا ثوريا جديدا لم يعرفه من قبل، بعد أن لعب على كل الأحبال ولفظه الحكم والمعارضة، فقرر أن ينضم إلى قافلة المتاجرين بدماء أهل غزة. وهناك من أخرج الإخوانى السابق أو الحالى من أعماقه ليصبح أمامه هدف واحد: إثبات أن النظام المصرى هو الذي يقصف بمؤامراته شعب غزة الصابر، وأن المبادرة المصرية على مثالبها هي المسؤولة عن سقوط أكثر من ألف شهيد فلسطينى وليس إسرائيل العدوانية وحسابات حماس الإخوانية.
إن هؤلاء المتاجرين بدماء أهل غزة من «أهل المعارضة» لهم وجه آخر أو نوع ثان من «أهل الموالاة» لا يختلفون عنهم، رغم ما يبدو بينهم من صراع، وهم يتصورون أن موت الناس في غزة دليل على صحة الموقف المصرى، وأن الوطنية المصرية لن تكون مكتملة إلا بالمتاجرة بغزة واعتبار كسرها دليلاً على صحة الموقف المصرى وتصدير مقولة «خلى حماس تنفعكم» وليس التضامن غير المشروط مع أهل غزة.
أن تقول حماس المسؤولة وفقط، وقبل أن تقول نحن عاجزون عن إنقاذ الأبرياء في غزة، وقبل أن تدين إرهاب إسرائيل وقبل أن تتألم وتفجع لسقوط هذا العدد من الأبرياء الفلسطينيين فأنت تفعل بالضبط مثل الذين يقولون لك بعد كل عملية إرهابية ضد الجيش المصرى هذا بسبب تدخل الجيش في السياسة، (هل الجيش التونسى يتدخل في السياسة واستشهد له في نفس أسبوع سقوط شهدائنا 14 جنديا) وليس إدانة الفعل الإرهابى أولاً وبحث أسبابه ثانياً؟
هل هناك موقف مشين أكثر من شماتة بعض الأصوات في شهداء غزة، لأن حماس تسيطر على القطاع؟ هل هناك بلد يمكن أن يقبل في تليفزيونه الرسمى بمن يقول: دعوهم يموتوا إحنا مالنا؟
هناك من تصور أن وطنيته المصرية لن تتحقق فقط إلا بهزيمة حماس، تماما مثل البعض الآخر الذي تصور أن معارضته للنظام المصرى لن تكتمل إلا بتحميله مسؤولية كل ما يجرى في غزة، وكأن حلفاءه في قطر وتركيا أرسلوا الجيوش لتحرير غزة وفلسطين.
مأساة حسابات حماس أنها فتحت الباب أمام آلة القتل الإسرائيلية لتحصد آلاف الأبرياء في قطاع غزة، ومأساة هؤلاء أن هناك في مصر من برر العدوان الإسرائيلى لأن حماس هي المسيطرة على غزة وتلك كارثة لا تقل سوءاً عن جرائم الاحتلال وخطايا حماس.
أبرياء غزة هم وحدهم الذين يستحقون التضامن والدعم (بلا حدود)، وفى هذا نحن جميعا مقصرون ومتأخرون، بل إن بعضنا خضع لابتزاز قلة من المتاجرين بدماء أهل غزة وأيضا قلة من ضجيج بعض الإعلاميين الذين تورطوا في الخلط الخطر بين أهل فلسطين وحماس، وبين الاثنين والاحتلال، فضاع حق الأبرياء الذين يسقطون كل يوم في غزة بين عدوان الاحتلال وفشل حماس.
من حق المؤمنين بغزة وبضرورة وضع استراتيجية متكاملة للمقاومة بصورها المختلفة (وليس ما تقرره حماس وتروجه جماعة الإخوان)، أن ينتقدوا الأداء المصرى الباهت، وأن يتعجبوا من حديث وزير خارجية أمريكا عن المدنيين في غزة أكثر من نظيره المصرى.
نعم، هناك مؤمنون بغزة معارضون للنظام المصرى، وعليهم أن يقدموا رؤية نقدية لأداء الجميع، ويناقشوا أسباب فشل مقاومة حماس، ويقدموا صوتاً ومشروعاً مختلفاً عن صوت المتاجرين بدماء الأبرياء في غزة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتاجرون بغزة المتاجرون بغزة



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia