الدمج الآمن

الدمج الآمن

الدمج الآمن

 تونس اليوم -

الدمج الآمن

عمرو الشوبكي

أثار مقالى «بين المسارين»، المنشور يوم الخميس الماضى، ردود فعل كثيرة، بعضها تلقيته على بريدى الإلكترونى، رافضا فكرة الدمج الآمن التي جاءت في المقال وناقشها البعض باعتبارها مشروعا لدمج الإخوان كما هم بممارساتهم الحالية أو السابقة، ودون أي تصور لإمكانية ظهور تيار إسلامى مدنى وديمقراطى من خارج جماعة الإخوان المسلمين، وأن فكرة الدمج الآمن تقوم على تفكيك فكرة التنظيم الدينى ذى الأذرع السياسية وليس قبولها.
يقول الأستاذ إيهاب قاسم في رسالته: لماذا الإخوان يا دكتور عمرو، وما فائدة استمرارهم في الوجود، وهل وجود أي طائفة يحتم علينا الإبقاء عليها؟ وماذا لو كانت ضارة بالمجتمع، أنضع لها قوانين تضمن استمرارها مع اتقاء شره، أم نواجهها من أجل القضاء على أفكارها وبالتالى وجودها كما حدث مع الجماعات النازية؟
أما د. جمال ميخائيل فقد أرسل لى من سويسرا قائلا: دعنى أولا أتفق معك في كل كلمة وردت في خاتمة مقالك وأختلف فيما جاء في متن المقال، لأن الإخوان يختلفون «جذرياً» عن باقى القوى السياسية في أمرين:
١- المنهج: مثل السمع والطاعة، الهيكل التنظيمى للجماعة (المرشد فوق الرئيس)، النظرة إلى من هو خارج الجماعة، التمكين، النظرة إلى أجهزة الدولة...
اعتقادى أن الجماعة لن تتخلص من كل هذا في وجود نظام ودستور، بل إنهم سوف يحاولون الالتفاف حولهما قدر الإمكان، والعمل في المناطق «الرمادية» التي يتركها أي نظام أو دستور ناشئ. وعليه فإنه- في تقديرى- كان الأمر سيستغرق وقتا أطول حتى نرى كل هذا بوضوح، وهو ما رأيناه في وقت أقصر وبشكل أوضح في غياب الأطر الملزمة.
دعنى هنا أذهب إلى تبسيط زائد في سرد مثال يوضح مقصدى. إذا صادف لص محترف بيتا بلا أسوار عالية ولا أبواب محكمة، فإنه سيتم عملية السرقة بسرعة ويسر. أما إذا كانت الأسوار عالية والأبواب موصدة، فهذا لن ينفى عنه صفة اللص، وهذا أيضا قد يعطله بعض الوقت ويجعل السرقة بالنسبة له أمراً أصعب بكثير... لكنه سيظل لصا وسيجد ثغرات ينفذ منها لتحقيق «هدفه»، وهذا هو الأمر الثانى والأهم
٢- الأهداف والمقاصد: جماعة الإخوان يا عزيزى ليست حزبا سياسيا معتادا يرغب في الحكم ويؤمن بتداوله. الجماعة (بمرشدها وهيكلها) لها أهداف تخرج عما يؤمن به باقى القوى «السياسية». سوف تعمل على تحقيق هذه الأهداف بكل الطرق الممكنة.
أما استشهادك بالتجربة التركية، فقد سقط منك، ربما سهواً، أن أردوجان وحزبه مرت عليهما تجربة أربكان وتعلما منها انتهاج سياسة «التدرج البطىء» حتى لا يتم الصدام الحتمى مع المؤسسة العسكرية، والتى قام أردوجان بتقليم أظافرها بمهارة شديدة، بل قام أيضا «بتطويع» الدستور. سياسة النفس الطويل حتى الوصول إلى «الهدف» هي بالتأكيد ما يمارسه أردوجان بنجاح.
أما تونس والمغرب فمن الصعب تقييم التجربة هناك لحداثتها، لكنى أتفق معك أن «الشكل العام» لهذه التجارب يبدو أفضل كثيرا من الشكل «السافر» الذي مررنا به.
الحقيقة أن فكرة الدمج الآمن تعنى في جوهرها النجاح في تحويل جانب من الحالة الإخوانية إلى حالة جديدة أخرى مختلفة، كما جرى مع الأحزاب الشيوعية الثورية، وتحول جانب كبير منها إلى أحزاب اشتراكية إصلاحية، وتحول التيارات الكنسية الظلامية في القرون الوسطى إلى تيارات مسيحية ديمقراطية وهكذا.
إن عدم اختفاء الإسلام السياسى سيعنى أن المجتمع سيظل مطالباً بأن يقدم إجابات جديدة على السؤال الكبير: هل يمكن حقيقة إقصاؤه بشكل كامل واختفاؤه؟ أم أننا سنكون مطالبين بدمج تيار منه يحترم الدستور المدنى والدولة الوطنية والنظام الجمهورى وفصل الدعوى عن السياسى؟ وهو ما يعنى أن المنتج سيكون حزبا له مرجعية حضارية وثقافية إسلامية وليس جماعة الإخوان المسلمين، أي أن الماكينة (نظام الدولة) التي سيدخل فيها القطن (الإسلام السياسى) ستخرج من الناحية الأخرى قماشا (تيار إسلامى مدنى ديمقراطى) ليست له علاقة بـ85 عاما من فشل الإخوان المسلمين.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدمج الآمن الدمج الآمن



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia