الدستور والقانون

الدستور والقانون

الدستور والقانون

 تونس اليوم -

الدستور والقانون

عمرو الشوبكي

نظرية الإقصاء هى السائدة فى مصر، إقصاء جيلىّ وسياسىّ، وأحياناً دينىّ وطائفىّ، الكل يبث طاقة هائلة من أجل إقصاء الأطراف الأخرى حتى يصل للسلطة على طبق من فضة بلا منافسة ولا إيمان باختيارات الناس ودورهم، فالمهم أن يختفى الخصوم والمنافسون، إما بالعزل السياسى أو بالاغتيال المعنوى، ليبقى لون واحد وفكر واحد يلتهم كعكة السلطة بمفرده.

معظم الأحاديث السياسية فى مصر تتحدث عن ضرورة إقصاء المنافسين، ويطالب البعض كل يوم الرئيس بالتدخل لعزل رجال الحزب الوطنى وفلول النظام القديم، ويطالب البعض الآخر بضرورة إقصاء الأحزاب الإسلامية حتى لو التزمت بالدستور والقانون لأنها أحزاب دينية، ويطالب البعض الثالث بفضح المؤامرات الخارجية التى تجسدت فى بعض ثوار 25 يناير، ومنعهم من الترشح فى الانتخابات القادمة باعتبارهم أجندات، وهناك من يرى ضرورة إقصاء كل السياسيين الذين تجاوزوا السبعين عاماً، لأنه حان وقت رحيل دولة العواجيز.

الكل تقريباً يتحدث عن الإقصاء، لا أحد يناقش أفكار المخالفين له فى الرأى والتوجه، ولا أحد يناقش معنى وجود- مثلاً- قائمة للدولة، وما دلالة هذا البحث الدائم من قبل قطاع كبير من المرشحين والقوى السياسية عن هذه القائمة، بل إن البعض أبدى استعداده لدفع ملايين الجنيهات إذا حصل على تأكيد بأن هذه القائمة هى قائمة الدولة التى ستكسب الانتخابات.

هل حرص أىٌّ من الذين يملأون الدنيا صراخاً وضجيجاً ضد إعادة ترشيح رجال الحزب الوطنى على تفعيل القواعد القانونية والدستورية التى تحول دون عودة ممارسات الحزب القديمة مرة أخرى، من تزوير وبلطجة ومال سياسى؟ لا أحد يتكلم تقريباً عن ضرورة احترام القانون وتطبيق الحد الأقصى للإنفاق المالى على كل المرشحين، إنما فقط يهتف الجميع «امسك فلول» و«الحق حزب وطنى».

لا أحد يتابع خطاب التيارات السلفية ليعرف هل التزمت بالدستور والقانون أم لا، وهل تؤمن حقاً بالمواطنة وبعيدة عن التحريض الطائفى أم لا، ومحاسبتها وفق الدستور والقانون.

الهدف من خطاب الإقصاء ليس وضع قواعد قانونية جديدة تساعد على تقدم البلاد، إنما إخلاء الطريق من المنافسين للوصول السهل للسلطة ثم احتكارها.

والحقيقة أن مصر ليست بحاجة إلى إقصاء من أى نوع، إنما شراكة جيلية وسياسية حقيقية تُبنى على معيار الكفاءة والقدرة على العطاء، بصرف النظر عن السن والجيل، ومسألة الشباب و«العواجيز»، فالانتماء للشباب ليس عملاً أو مهنة فى ذاتها، فهناك شباب يتعلم كل يوم، وقادر على الاحتجاج والبناء فى نفس الوقت، وهناك شباب يناضل بشراسة على الفيس بوك ولا يعرف عملاً إلا التفنن فى إقصاء الجميع، فى حين أنه غير قادر على إدارة كشك سجائر خلف بيته.

نعم مصر بحاجة إلى شراكة بين الدولة والقوى السياسية، وأخرى بين الأجيال، فى إطار قواعد قانونية ودستورية واضحة وصارمة بعيدة تماماً عن الفوضى والعشوائية السائدة حالياً.

الجميع مطالب بأن يتنافس مع الآخرين خارج ثقافة الإقصاء، لأنه إذا تنافس سيطوِّر من مهاراته وإمكانياته، أما إذا تصورنا أنه أقصى كل من لا يرضى عنهم من «العواجيز»، ومن يعتبرهم «فلول»، فهل يتوقع أنه قادر على تقديم أى بديل ناجح إذا كان لم يمتلك إلا ثقافة الإقصاء.

تكلموا عن دولة القانون تصحّوا، وعن قواعد تنظم الفوضى السائدة فى حياتنا السياسية والاجتماعية، أفضل بكثير من حديث الإقصاء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدستور والقانون الدستور والقانون



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia