الحكومة والرئيس

الحكومة والرئيس

الحكومة والرئيس

 تونس اليوم -

الحكومة والرئيس

عمرو الشوبكي

يدهشك البعض بأن يبدأ تقييمه للحكومة بمحاولة فصلها عن الرئاسة، والتأكيد على أنها لا تعكس فكر الرئيس، تمهيدا لتكرار نفس الخطاب الفاشل الذى راج فى عهد مبارك بأن الرجل عظيم وأن المشكلة فيمن حوله، أو أن الحكومة مسموح بنقدها فى أحيان كثيرة على عكس الرئيس الذى لم يكن مقبولا تكرار نفس الشىء معه، وبدت مشكلة مصر الأساسية فى عدم تنفيذ الحكومة (أو استيعابها) توجهات الرئيس.
وعرفت مصر طوال تاريخها الجمهورى «الحكومة الملطشة» أو «الحيطة المائلة» كما يقول المثل الشعبى، فالسهام توجه لها، رغم أن الرئيس كان وفق دساتيرنا السابقة هو الذى يعلنها بالكامل، وأن العودة إلى تلك الطريقة البالية فى تقييم حكومة إبراهيم محلب، وفصلها عن الرئاسة أمر ضار للغاية بالمسار السياسى وسيؤدى إلى نتائج وخيمة.
والمؤكد أن الرئيس هو الذى اختار هذه الحكومة بالتشاور مع رئيس الوزراء، وأنه فى ذلك مارس صلاحياته الدستورية التى تنص على أنه فى ظل غياب البرلمان يصبح فى يد الرئيس السلطتان التنفيذية والتشريعية، بما يعنى عمليا أنه هو المسؤول الأول عن اختيارها.
والمؤكد أن الحكومة الحالية بها كفاءات كثيرة وعلى رأسها رئيس الوزراء المشهود له بالعمل الجاد والقدرة على الإنجاز، ولكن انتقاد الحكومة وتحصين الرئيس أمر لا يمكن قبوله فى ظل تجربة ترغب أن تؤسس لنظام ديمقراطى يحكمه الدستور والقانون.
فى ظل الدستور الرئيس من حقه أن يعين الحكومة بموافقة البرلمان وفى حال رفض الأخير للحكومة التى شكلها الرئيس أعطى له الدستور الحق فى تشكيلها مرة أخرى، ويعطى للرئيس الحق فى اختيار وزراء السيادة الأربعة: الدفاع والداخلية والخارجية والعدل، وفى حال عجزه عن تشكيل الحكومة يحل البرلمان، وهو أمر من الصعب الوصول إليه لأنه على الأرجح سيختار الرئيس الحكومة، وسيوافق البرلمان على الأقل فى السنوات الأربع القادمة.
وهنا تصبح مسؤولية تشكيل الحكومة مشتركة بين الرئيس الذى اختار والبرلمان الذى وافق، وبالتالى فإن مسؤولية الرئيس عن أداء الحكومة مؤكدة.
ليس من المطلوب استهداف الرئيس ولا العمل على إفشاله ولا تحميله مسؤولية إرث سلبى ممتد منذ ما يقرب من 40 عاما، إنما مساعدته والعمل على إنجاحه بمراقبة أدائه وانتقاد ما هو خطأ والعمل على تصحيحه، وليس تكرار نفس المفردات التى كانت تتردد فى عهد مبارك واعتبار الرئيس معصوما عن الخطأ، والحكومة والإدارة هما فقط من عينة البشر الخطائين.
علينا أن ندفع بمصر إلى أن تكون دولة طبيعية الرئيس فيها مسؤول عن السلطات التى أعطاها له الدستور، فهو مسؤول عن اختيار الحكومة وفشل الأخيرة يخصم منه ويتحمل مسؤوليته، ونجاحها يضيف إليه ويحسب له، أما ترديد الجمل القديمة والقول بأن الحكومة التى اختارها الرئيس لا تعبر عنه، وأنه لا يتحمل أخطاءها فهو أمر صار من مخلفات الماضى.
سنشهد فى الفترة القادمة مزيدا من النقد للحكومة من قِبَل كثيرين يرغبون فى صنع بطولات وهمية بادعاء المعارضة «غير المكلفة»، وهو أمر مطلوب حين تخطئ الحكومة حقيقة، لأن الهدف هو تقويم الأداء ونقد السلبيات والعمل على تصحيحها، لا القول إن هناك جهات لا تخطئ وفوق النقد وأخرى كبش فداء.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكومة والرئيس الحكومة والرئيس



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:47 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:38 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:13 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العقرب الخميس 29 -10 -2020

GMT 14:08 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج العذراء الخميس 29-10-2020

GMT 15:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 18:18 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الأسد الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 16:31 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

فرص جيدة واحتفالات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 18:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر مع تنافر بين مركور وأورانوس
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia