البيئة الحاضنة للإرهاب

البيئة الحاضنة للإرهاب

البيئة الحاضنة للإرهاب

 تونس اليوم -

البيئة الحاضنة للإرهاب

عمرو الشوبكي

مواجهة الإرهاب لن تكون بالهتاف والتهليل والشعارات الحماسية، إنما بامتلاك رؤية متكاملة لمواجهته اتفق الجميع على أنها لن تكون فقط أمنية، وأن الانتصار فيها لن يكون سهلاً لأنها، كما وصفت، ستكون معركة طويلة وشرسة.

طريقة تعاملنا مع الإرهاب مازالت تقوم على فكرة أن هناك قتلة أشرارا وإرهابيين يعتدون على شعبنا جنودا ومدنيين، وأن الحل سيكون بتكليف الرئيس لقائد عسكرى جديد بالقضاء على الإرهاب وعدم تكبيل أيادى الشرطة والجيش فى الثأر للشهداء بشرط «عدم الظلم».

والمؤكد أن الحرب مع الإرهاب تختلف عن الحرب مع العصابات المسلحة حتى لو مارس الاثنان نفس السلوك، لأن الأمر يتعلق هنا بالبيئة الاجتماعية والسياسية المحيطة بكل منهما، ونجاح أى حرب على الإرهاب لن يكون بإقامة احتفالات تضامنية وهتافات يومية بضرورة القصاص والثأر، إنما فى تحقيق اختراق حقيقى فى البيئة الحاضنة للإرهاب لصالح الدولة المصرية بتحييد قطاعات تعاطفت أو سهلت عمل الجماعات الإرهابية نتيجة معارضتها للمسار السياسى الجديد، أو نتيجة تضرر مصالحها الاقتصادية من هدم الأنفاق فى سيناء، أو نتيجة شعورها بالظلم والتهميش السياسى أو الاجتماعى.

وهنا سنجد أن الجماعات الإرهابية محدودة العدد، لكنها تتحرك وسط بيئة تساعدها، ولو جزئيا، عبر خطاب سياسى قائم على المظلومية والثأر من الدولة، ونجحت فى استمالة أعداد من الناس غضت الطرف عن عملياتها الإرهابية أو تواطأت معها حتى أصبحنا أمام بيئة اجتماعية محدودة تبرر الإرهاب، وبعضها الآخر اعتبر أن كل أطراف الصراع ظالمة ولم يؤيد الدولة ولا الإخوان.

الجماعات الإرهابية فى سيناء تتحرك فى بيئة حاضنة للإرهاب تختلف عن نظيرتها فى باقى المدن الكبرى وهو ما يستوجب دراسة تفصيلية لأوضاع ما يقرب من مليون مواطن مصرى يعيشون فى سيناء وتعرضوا طوال الفترة الماضية لحملات قاسية بدأت عقب اعتداء طابا فى 2004 بتوسيع دائرة الاشتباه حتى وصلت، وفق منظمات مدنية مصرية، إلى حوالى 3 آلاف شخص، حتى هؤلاء السياسيين والخبراء الاستراتيجيين الذين دعوا علناً لقتل مائة ألف شخص من أهل سيناء إذا كان ذلك ثمن القضاء على الإرهاب (سيكون ذلك سبباً فى مضاعفة الإرهاب) أو حين دعا البعض الآخر إلى تهجير قسرى لكل أهل سيناء حتى نقضى على الإرهاب، كل ذلك قيل رغم خطاب الرئيس فى ذلك الوقت الذى قدم اعتذاراً لأهالى سيناء عن تهجير بضع مئات على مساحة 500 متر من الشريط الحدودى.

أما فى المدن الكبرى كالقاهرة والإسكندرية فنحن أمام بيئة حاضنة أخرى أكثر ارتباطا بخطاب الإخوان وأدواته السياسية، لا يحركها تفسير دينى تكفيرى مثلاً، كما فعلت جماعة التكفير والهجرة أو القاعدة وأخواتها من «العائلات الإرهابية»، إنما إلى خطاب مظلومية سياسية وكراهية للشعب والدولة.

إن هذه البيئة الحاضنة ليس مطلوبا تحويل من فيها إلى مؤيدين ومهللين للنظام الجديد، إنما فتح قنوات اتصال سياسى علنى معهم بعيدا عن الصفقات السرية طالما التزموا بالدستور والقانون والعمل السلمى.

البيئة الحاضنة لجماعات العنف هى أخطر من الإرهاب نفسه لأنها تخص قطاعا ولو محدودا من المجتمع يمتلك رواية سياسية مكتملة (مهما كان الرأى فيها) تؤثر فى قطاعات محدودة من الشباب وتجعل قلة منه تتورط فى الإرهاب، خاصة فى المدن.

الرواية السياسية، مهما كان شططها، تدحضها رواية أخرى، وإذا نجحت الدولة فى فرض روايتها بالإقناع وتصحيح الأخطاء، وليس بالأمن، فإن معركة البيئة الحاضنة ستحسم فى اتجاه العمل السلمى، أما إذا فشلت الدولة فى معركة السياسة فإنها لن تنتصر فى حربها على الإرهاب.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البيئة الحاضنة للإرهاب البيئة الحاضنة للإرهاب



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia