الأسئلة الغلط

الأسئلة الغلط

الأسئلة الغلط

 تونس اليوم -

الأسئلة الغلط

عمرو الشوبكي

لم يتوقع أى مراقب للأوضاع السياسية فى مصر أن تحدث ثورة فى الشوارع يوم 28 نوفمبر نتيجة دعاوى التظاهر المسلح الإخوانية، فقد كانت مجرد فقاعات فى الهواء روج لها تحريض قناة الجزيرة وأخواتها مع بعض المواقع الإلكترونية.

والسؤال المطروح لا يتعلق بأسباب الفشل المتوقع لدعوات الإخوان وحلفائهم فى الجبهة السلفية للتظاهر المسلح، إنما فى أسباب هذا الحشد الأمنى والإعلامى واستعراض العضلات، والأغانى الوطنية التى ذكرتنا بأيام حرب 1973، فى التعامل مع هذا الحدث، وهو ما أصاب الكثيرين بالهلع وتصوروا أن الأخطار ستحاصرهم فى كل مكان.

وقد تكون الأجهزة الأمنية قد تعمدت المبالغة فى عرض صور القوات الخاصة والصاعقة وفرق المظلات والانتشار السريع لبث الرعب فى صفوف الإرهابيين، وكل من دعا للتظاهر المسلح فى شوارع القاهرة، ولكن هذا لا يعنى عدم طرح الأسئلة الصحيحة حول طبيعة التحديات التى تواجهنا وستواجهنا فى المستقبل ولن يكون من بينها نجاح مظاهرات 28 نوفمبر أو ديسمبر أخرى طالما كان وراءها نفس القوى التى دعت لتظاهرات أمس الأول.

الأسئلة الغلط التى صدرت لنا هى فى قدرة الإخوان وحلفائهم على هدم الدولة وتفكيك الجيش بالقوة المسلحة أو الثورة الشعبية، فهذه أخطار كنا سنتعرض لها لو بقوا فى السلطة، ولكننا دخلنا فى المصائر السوداء التى نراها حولنا الآن (وليس فى كتب التاريخ) فى سوريا وليبيا والعراق واليمن والسودان، إلا أنه بعد سقوط حكم الإخوان وبعد تراجع تهديدات التنظيم العنيفة، وتراجع قدرته بصورة أكبر على الحشد الجماهيرى، بعد أن أصر على السير حتى النهاية فى عزلته الشعورية والسياسية عن توجهات أغلب المصريين مؤيدين ومعارضين، أصبحنا الآن أمام أسئلة أخرى نحيلها كل يوم إلى التهديدات «الوجودية» التى تراجعت ولا نقول اختفت، فى حين أننا مطالبون بالإجابة عن الأسئلة الصحيحة، أسئلة المجتمعات الطبيعية أو شبه الطبيعية التى تتعرض لتحديات كثيرة، ليس من بينها قدرة الإخوان على هدم الدولة، إنما تحديات سوء الإدارة السياسية وغياب المهنية الذى قد يدفع مزيداً من المصريين إلى عدم الثقة فى الدولة بل وعدم الإيمان بعدالة دورها.

الدولة فى مصر كان وجودها مهدداً من قبل الجماعة حين كانت فى السلطة بمشروع الأخونة، ولكن السؤال الغلط أن نستمر إلى ما لا نهاية فى التعامل مع الخطر الإخوانى كأنه مازال فى السلطة، وننسى أن مهمتنا الأولى هى مجابهة أخطاء الأداء وضعف الإدارة وغياب الرؤية السياسية، وتولى الأمن مرة أخرى التعامل مع معظم الملفات.

مصر مأزومة أزمات كبيرة لأنها لم تبدأ فى إصلاح أى مؤسسة من مؤسسات الدولة التى يتمسك بها الغالبية الساحقة من المصريين، ومصر تدفع دماء كل شهر على الطرق أضعاف ما دفعته فى الحروب والإرهاب، ومصر بها بيوت تسقط على ساكنيها وقطارات بائسة وفساد عابر للعصور لم تواجهه.

نحن نواجه الأخطار الكبرى بلغة الاتحاد السوفيتى السابق حين كان يتحدث عن انتصار الاشتراكية ونضاله فى مواجهة مؤامرات الإمبريالة الأمريكية، ولم يعرف أن أزمته كانت فى تفاصيل نموذجه وفى إدارته لاشتراكية شعارات، وبيروقراطية دولة، فسقط لأسباب داخلية وليست خارجية.

مصر حتماً تواجه خطر الإرهاب، ولكن معركتها الحقيقية فى تعثر البديل الذى يقدم للناس غير «الحرب على الإخوان»، والإجابة على الأسئلة الصح: أداء جديد للدولة المصرية، رؤية سياسية، إعلام يلتزم بالحد الأدنى من القواعد المهنية، مشاركة أوسع فى صنع القرار ولا يكتفى فقط بطرح الأسئلة الكبرى التى تمثل جانباً من التحدى، ولكن الجانب الأكبر مازال يقع عندنا وليس عند الإخوان.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسئلة الغلط الأسئلة الغلط



GMT 07:51 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

السائح الدنماركي... وجولة المستقبل الخليجي

GMT 07:49 2021 الإثنين ,13 كانون الأول / ديسمبر

حجر مصر

GMT 08:29 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في أحوال بعض القوى السياسيّة في لبنان

GMT 08:27 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

في بلد استضاف عبد العزيز

GMT 08:42 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

الدولة الوطنية العربية وتنازُع المشاهد!

GMT 08:36 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

تركيا تشن حرباً اقتصادية من أجل الاستقلال!

GMT 08:33 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيران: تصدير النفط أم الثورة؟

GMT 08:30 2021 السبت ,11 كانون الأول / ديسمبر

براً وبحراً والجسر بينهما

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:16 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج القوس الخميس29-10-2020

GMT 16:15 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 18:26 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 18:11 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

يبدأ الشهر بيوم مناسب لك ويتناغم مع طموحاتك

GMT 10:44 2013 الثلاثاء ,09 إبريل / نيسان

شرش الزلّوع منشط جنسي يغني عن الفياغرا

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 18:34 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia