إصلاح النظام لا إسقاطه

إصلاح النظام لا إسقاطه

إصلاح النظام لا إسقاطه

 تونس اليوم -

إصلاح النظام لا إسقاطه

بقلم : عمرو الشوبكي

نظرية إسقاط النظم نظرية احتجاجية ارتبطت بالثورات أو الانقلابات، ويقينا أن إسقاط النظام لم يكن دائما عملا إيجابيا فكثيرا ما سقطت نظم بفعل انقلابات عسكرية أو تدخلات خارجية وأحيانا ثورات، وتحسر الناس على النظام الذى سقط بعدما شاهدوا ما هو أسوأ منه.

والحقيقة أن رحلة المصريين مع شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» بدأت مع ثورة 25 يناير، وبعد أن زور نظام مبارك بقياده أحمد عز انتخابات 2010 تزويراً فجاً، وانسدت أمام الناس فرص التغيير السلمى، فكانت النهاية المحتومة وثورة الشعب وسقوط النظام.

واستمر مسلسل يسقط طوال سنوات ما بعد الثورة، من حكم العسكر حتى حكم الإخوان، وظل قطاع من الجماهير، خاصة الشباب، لديه قدرة على التحريض ضد النظم الحاكمة، وقدم ابتكارات كثيرة فى أنماط التعبئة السياسية التى حاصرت القوى الحاكمة، سواء كانت جماعة الإخوان أو الدولة الأمنية، مهما كان بطش الاثنتين وقسوتهما، دون أن ينجح فى تقديم البديل.

والحقيقة أن نظرية إسقاط النظام عادت لتطل برأسها مرة أخرى عقب مظاهرات «جمعة الأرض» بعد أن وجدت ظهيرا شعبيا يُعتدّ به معارضا للتنازل عن الجزيرتين بهذه الطريقة وفى هذا التوقيت، أى عقب زيارة الملك سلمان لمصر، وإعلانه عن دعم مالى، رسخ صورة ذهنية لدى الكثيرين بأنه كان المقابل للتنازل عن الجزيرتين.

ومع تزايد الاحتجاجات تصاعد فى نفس الوقت الحديث عن المؤامرة الخارجية والداخلية، وتحدث البعض عن وجود أجنحة داخل الدولة تسعى أيضا لإسقاط النظام والرئيس، وبقى السؤال: ماذا بعد إسقاط النظام؟

الحقيقة أن أزمة مصر، منذ ثورة يناير، أنها لم تحاول طوال تجارب «الإسقاط» أن تصلح النظام القديم، (ليس حباً فى سواد عينه)، بتقديم مشروع سياسى إصلاحى قادر على الحكم ولو بالشراكة مع النظام القديم.

والحقيقة أن البداية كانت مع سقوط نظام مبارك، فيقيناً أن سقوطه دون فتح مسار واضح لبديل سياسى إصلاحى سواء من داخل النظام أو من خارجه جعل الأوضاع عقب سقوطه أسوأ مما كانت عليه قبلها.

معضلة مصر فى 2011 مثل معضلتها فى 2013 مثل معضلتها فى 2016، فالمطلوب ليس إسقاط النظام ليتسلم طرف غير مرئى السلطة مرة ثانية، وتتحول الناس إلى مفعول بها للمرة الثانية، أو أن تدخل البلاد فى فوضى عارمة، إنما المطلوب، خاصة مع تصاعد موجات الاحتجاج، هو إصلاح النظام بالضغط عليه من أجل توسيع المجال السياسى والعمل على أن تكون انتخابات 2018 الرئاسية نموذجا حقيقيا للتنافس بين أكثر من مشروع سياسى، وتجاوز عصر الرئيس المنتخب بأكثر من 90%، بوجود مرشحين أقوياء وبرامج ورؤى متنافسة لصالح الوطن والمواطن.

المطلوب ليس إسقاط النظام إنما إصلاح أدواته ومؤسساته، وضمان أن هناك فرصا لتغييره عبر صندوق الانتخابات وليس إسقاطه لصالح ما هو أسوأ من الوضع الحالى، صحيح أن مسؤولية الوصول إلى تلك الصيغة مسؤولية مشتركة بين النظام والمعارضة، فهناك واجبات على الأول القيام بها حتى ينقذ البلد من مصير قد يكون هو الأصعب فى تاريخها منذ عقود طويلة، وأيضا مسؤولية المعارضة فى أن تقبل التنوع السياسى والفكرى الموجود داخل المجتمع حتى تثبت أنها قادرة على أن تتنافس وتتعايش مع بعضها البعض دون الحاجة إلى سيطرة سلطة الحكم والوصاية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إصلاح النظام لا إسقاطه إصلاح النظام لا إسقاطه



GMT 05:19 2019 الجمعة ,22 آذار/ مارس

النصوص لا تصنع الإرهاب

GMT 05:33 2019 الخميس ,14 آذار/ مارس

الجزائر على طريق النجاح

GMT 08:31 2019 الخميس ,28 شباط / فبراير

هل نحتاج لمزيد من كليات الطب؟

GMT 04:38 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

مجلس الشورى

GMT 05:02 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

جولات السترات الصفراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia